كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
متفاضلاً، وهو التحريم. (ومنها): أن الكبير يلي البيع والشراء لنفسه، وإن كَانَ له وكلاء، وأعوان يكفونه. (ومنها): أن فيه المماكسة فِي البيع، والمراوضة، وتقليب السلعة، وفائدته الأمن منْ الغبن. (ومنها): أن مِن العلم ما يَخفى عَلَى الرجل الكبير القدر، حَتَّى يُذكّره غيره. (ومنها): أن الإمام إذا سمع، أو رأى شيئا لا يجوز، ينهى عنه، ويرشد إلى الحق. (ومنها): أن منْ أَفتَى بحكم حَسُن أن يذكر دليله. (ومنها): أن عَلَى الإمام أن يتفقد أحوال رعيته، ويَهتَمّ بمصالحهم. (ومنها): أن فيه اليمين لتأكيد الخبر. (ومنها): أن فيه الحجةَ بخبر الواحد.
(ومنها): أن النسيئة لا تجوز فِي بيع الذهب بالورق، وإذا لم يجز فيهما مع تفاضلهما بالنسيئة، فأحرى أن لا يجوز فِي الذهب بالذهب، وهو جنس واحد، وكذا الورق بالورق. وَقَدْ نقل ابن عبد البرّ وغيره الإجماع عَلَى هَذَا الحكم، أي التسوية فِي المنع بين الذهب بالذهب، وبين الذهب بالورق، فيُستغنَى حينئذ بذلك عن القياس.
(ومنها): أنه استُدِلَّ به عَلَى اشتراط التقابض فِي الصرف فى المجلس، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وعن مالك: لا يجوز الصرف إلا عند الإيجاب بالكلام، ولو انتقلا منْ ذلك الموضع إلى آخر، لم يصح تقابضهما، ومذهبه أنه لا يجوز عنده تراخي القبض فِي الصرف، سواء كانا فِي المجلس أو تفرقا، وحَمَلَ قول عمر: "لا تُفارقه" عَلَى الفور، حَتَّى لو أخّر الصيرفي القبض، حَتَّى يقوم إلى قعو دُكّانه، ثم يفتح صدوقه لَمَا جاز. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حيث إن أحاديث الأبواب الآتية منْ أحاديث الربا، فيحسن بي أن أتكلّم فِي معنى الربا لغةً وشرعًا، وبعض مسائله؛ لشدّة الحاجة إلى ذلك، فأقول:
(المسألة الرابعة): فِي معنى الربا لغةً وشرعًا:
قَالَ الفيّوميّ رحمه الله تعالى: الربا: الفضل، والزيادة، وهو مصدر عَلَى الأشهر، ويُثنّى رِبَوَان بالواو عَلَى الأصل، وَقَدْ يقال: رِبيان عَلَى التخفيف، ويُنسب إليه عَلَى لفظه، فيقال: رِبويّ. قاله أبو عُبيد وغيره: وزاد الْمُطرِّزِيّ، فَقَالَ: الفتح فِي النسبة خطأ، وَرَبَا الشيءُ يربو: إذا زاد، وأربى الرجل بالألف: دخل فِي الربا. انتهى.
وَقَالَ أبو عبد الله القرطبيّ رحمه الله تعالى فِي "تفسيره" 3/ 348: والربا فِي اللغة: الزيادة مطلقا، يقال: ربا الشيء يربو: إذا زاد، ومنه حديثُ مسلم: "فلا والله ما أخذنا منْ لقمة، إلا ربا منْ تحتها": يعني الطعام الذي دعا فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالبركة.
الصفحة 333
389