كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
الدائن والمدين إلى بيع صوريّ، فيه خيار شرط صوريّ أيضاً، وذلك بأن يبيع المدين عقاره عَلَى الدائن، ويجعلان خيار شرط فِي البيع إلى أجل، فيقبض المشتري المبيع، وينتفع به بسكن، أو استثمار، ويتجمّد الدين مدّة الخيار، فهذا البيع، والخيار فيه ما هو إلا ربا الجاهليّة، وهذا يسمّيه الحنفيّة بيع الوفاء، ويجيزونه.
ولذا فإن المشتري لا يتحقّق غالبًا عن حال البيع، وإنما تحقّقه منْ أن قيمته لو بيع لغطّت الدين الذي عَلَى البائع، والمشتري قد يبيعه هَذَا البيع بنصف ثمنه؛ لعلمه أنه ليس بيعًا حقيقةً.
(ومنها): ودائع البنوك:
الودائع البنكيّة قسمان: [أحدهما]: ودائع بلا فائدة، وحالّة غير مؤجّلة، فهي طلب المودِع -بكسر الدال- وهذا ما يُسمّى بالحساب الجاري، فالبنك ملزَم بالسداد الفوريّ عند طلب صاحب النقود، فهذا فِي حقيقته عقد قرض، لا وديعة بمعناها الفقهيّ، وليس هو القرض الحسن، وإنما هو قرض مباح. فالغرض منه لصاحب المال حفظ نقوده بمؤسّسة أمينة، والسحب منه عَلَى طريقة منتظمة منضبطة. وغرض البنك منْ قبضه هو استثمار هذه الودائع لصالحه، وهذه صورة مباحة، لا محذور فيها، إلا أنه ينبغي للمودِع إذا وجد مصرفًا لا يتعاطى المعاملات الربويّة أن يؤثره بهذا القرض، ليُعينه عَلَى أعماله، ويشجّعه عَلَى نهجه، وإن لم يجد إلا بنكًا ربويًّا أودع عنده للحاجة.
[الثاني]: ودائع مؤجّلة بفائدة، وذلك بأن يضع صاحب النقود نقوده عند البنك بفائدة يتلقّاها مقابل استثمار البنك نقوده مدّة معلومة، قد حدّد البنك حسب نظامه مدّتها، وقدر الفائدة المقابلة لأجلها، فهذه الفوائد هي عين الربا، وَقَدْ حرّمها علماء العصر، كما حرّمها أعضاء المجامع الفقهية التي منها:
1 - مجمع البحوث الإِسلامية فِي القاهرة. 2 - مجلس هيئة كبار العلماء فِي المملكة العربيّة السعوديّة. 3 - مجلس المجمع الفقهي التابع لمؤتمر المنظّمة الإِسلاميّة. 4 - مجلس المجمع الفقهيّ التابع لرابطة العالم الإسلاميّ.
(ومنها): قروض البنوك:
صورتها أن يقرض المصرف، أو غيره شخصًا محتاجًا للقرض بفائدة محدّدة معلومة، ويَخضع المقترض لنظام المصرف منْ حيث مدّة أجل القرض، ومن قدر الفائدة الذي يقدّرها المصرف.
والقرض نوعان: [أحدهما]: القرض الاستهلاكيّ، ومعناه أن غرض المقترض هو سداد حاجته بهذا القرض لبناء مسكن، أو مهر زواج، أو شراء ما هو منْ ضروراته، أو
الصفحة 342
389