كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
3 - مشاركة البنك المستفيد المستثمر فِي نشاطه الاقتصاديّ، فالبنك يمون المستثمر، ويقدّم له الخبرة، والتوجيه فِي مشروعه التجاريّ، أو الزراعيّ، أو الصناعيّ، والمستفيد يقوم بالعمل والجهد، ويكون رأس المال للبنك، أما الربح فهو بينهما عَلَى ما شرطاه.
4 - إن منْ عنده مالٌ، فإنه يوظّف ماله فِي البنك عَلَى أساس الشركة مما يحصل منْ الربح فِي استثمار البنك له استثمارًا شرعيًا، أو أن البنك يكون وكيلاً باستثمار المال، أما الربح الذي يحصل منْ استثمار البنك له، فكلّه لصاحب رأس المال.
5 - شركة المضاربة يكون منْ أحد الرجلين تقديم رأس المال، ويكون منْ الآخر العمل، فيعمل المضارب فِي المال، ويكون رأس المال لصاحبه، وأما الربح فهو شركة بينهما عَلَى حسب ما اتّفقا عليه.
6 - يقوم البنك بمساعدة التجّار عَلَى توريد السلع، وذلك عن طريق فتح الاعتماد، فإن كَانَ للعميل رصيد يغطّي ثمن السلعة كلّها، فالبنك فِي هذه الحال وسيط بأجر عَلَى وساطته فيما بين العميل والمصدر، وإن لم يكن للعميل رصيد يغطّي الثمن، فالمصرف يكون شريكًا فِي هذه الصفقة، ويتمّ بيع البضاعة لحساب الشريكين.
وهناك طرقٌ شرعيّة أخرى، يكون فيها الكفاية والبديل عن الربا الذي قَالَ الله تعالى عنه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} الآية [البقرة: 276]، وَقَالَ: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [البقرة: 279]، فالذي يجب عَلَى المسلمين الابتعاد عنه، وأن يُخضعوا معاملاتهم للأحكام الشرعيّة، فإن الدين عند الله الإِسلام، والإِسلام ليس فقط عبادات، وإنما عادات، ومعاملات، وعبادات، فكلها جميعًا لابدّ أن تكون خاضعة لأحكامه، ونظامه، والله تعالى وليّ التوفيق.
(اعلم): أن الأصل فِي المعاملات الإباحة، وأنه لا يحرم منها إلا ما حرّمه الله سبحانه وتعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن منْ ادّعى تحريم تعامل، أو عقد، فعليه إقامة الدليل عَلَى حكم التحريم.
وهذه القاعدة مبنيّة عَلَى نصوص كثيرة منْ الكتاب والسنّة، كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} الآية [البقرة: 29]، وكقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} الآية [الملك: 15]، والأحاديث فِي هَذَا الباب كثيرة مشهورة، ولكن هناك مسائل فيها إشكالٌ، ويكثر السؤال عنها، أحببنا إيضاحها لمن يُشكل عليه حقيقتها، فمن تلك المشكلات أربع صور منْ المعاملات نذكرها، ونبيّن حكمها:
الصفحة 346
389