كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
لدلالة الثاني عليه وبالعكس، فذكر هنا فِي الحكم "يدًا بيد"، وترك "مثلاً بمثل"، ثم ذكر فِي التفريع تفريع "مثلاً بمثل"، وترك تفريع "يدًا بيد"، فتأمّل. أفاده السنديّ.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الأول هو الأولى؛ لما فِي رواية مسلم عن أبي كريب، وواصل بن عبد الأعلى، كلاهما عن ابن فضيل، بسند المصنّف، بلفظ: "التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل، يداً بيد"، الْحَدِيث، فقد ذكر "مثلاً بمثل"، ثم أخرجه عن أبي سعيد الأشجّ، عن المحاربيّ، عن فضيل بن غَزْوان به، قَالَ: ولم يذكر "يدًا بيد"، فدل عَلَى أنه اختصار منْ بعض الرواة، فبعضهم ذكر "يدًا بيد"، وترك "مثلاً بمثل"، كما فِي رواية المصنّف، وبعضهم ذكر "مثلاً بمثل"، وترك "يدًا بيد"، كما فِي رواية مسلم الثانية. والله تعالى أعلم.
(فَمَنْ زَادَ) فِي الدفع (أَوِ ازْدَادَ) بأخذ الزيادة (فَقَدْ أَرْبَى) أي أتى بالربا، فصار عاصيًا، يريد أن الربا لا يتوقّف عَلَى أخذ الزيادة، بل يتحقّق بإعطائها أيضاً، فكلّ منْ المعطي والآخذ عاص. وَقَالَ النوويّ: معناه فعل الربا المحرّم، فدافع الزيادة، وآخذها عاصيان مربيان. انتهى (إِلَّا مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ") يعني أجناسه، كما صرّح به فِي الروايات الباقية. قاله النوويّ.
وَقَالَ السنديّ: أي أربى فِي تمام تلك البيوع، إلا فِي بيع اختلفت ألوان بدليه: أي أجناسه، وبهذا ظهر أن الاستثناء منقطع، مع كون المستثنى منه محذوفًا، وأنه لابدّ منْ تقدير حرف الجرّ عَلَى خلاف القياس، وأما تقدير المستثنى منه عامًا، حَتَّى يكون الاستثناء متّصلاً، بأن يقال: فقد أربى فِي كلّ بيع، سواء كَانَ منْ المذكورات، أو غيرها، إلا فِي بيع اختلفت ألوان بدليه لا يخلو عن إشكال معنى؛ لأدائه إلى ثبوت الربا إذا اتّحد الجنس فِي كلّ بيع، فليُتأمّل. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -42/ 4561 - وفي "الكبرى" 42/ 6151. وأخرجه (م) فِي "البيوع" 1588 (ق) فِي "التجارات" 2255 (أحمد) فِي باقي "مسند المكثرين" 7131.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم بيع التمر بالتمر،
الصفحة 351
389