كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
ثلثها، فلو رد أحدهما بعيب رده بقسطه منْ الثمن، ولذلك إذا اشترى شِقْصًا وسيفا بثمن أخذ الشفيع الشقص بقسطه منْ الثمن، فإذا فعلنا هَذَا فيمن باع درهما ومُدًا، قيمته درهمان بمدين قيمتهما ثلاثة، حصل الدرهم فِي مقابلة ثلثي مُدّ، والمد الذي مع الدرهم فِي مقابلة مد وثلث، فهذا إذا تفاوتت القيم، ومع التساوي يُجهَل ذلك؛ لأن التقويم ظنّ وتخمينٌ، والجهل بالتساوي كالعلم بعدمه، فِي باب الربا, ولذلك لم يجز بيع صبرة بصبرة بالظن والخرص.
وقولهم: يجب تصحيح العقد، ليس كذلك، بل يُحمل عَلَى ما يقتضيه منْ صحة وفساد، ولذلك لو باع بثمن، وأطلق وفي البلاد نقود بطل، ولم يُحمل عَلَى نقد أقرب البلاد إليه، أما إذا اشترى منْ إنسان شيئا فإنه يصح؛ لأن الظاهر أنه ملكه؛ لأن اليد دليل الملك، وإذا باع لحما، فالظاهر أنه مُذَكّى؛ لأن المسلم فِي الظاهر لا يبيع الميتة. انتهى "المغني" 6/ 92 - 95.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر منْ الحجج أن الأرجح فِي "مسألة مدّ عجوة" هو المذهب الأول، وهو عدم الجواز؛ لما ذكر منْ الحجج، وأقواها حديث فضالة -رضي الله عنه- المذكور فِي الباب، وتأويله بأنه للجهالة، غير صحيح؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- نصّ عَلَى عدم الجواز حَتَّى تفصّل، ثم يقابل المثل بالمثل، لا بأزيد منه، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "الذهب بالذهب وزنًا بوزن". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4576 - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ، قِلاَدَةً فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "افْصِلْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، ثُمَّ بِعْهَا").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "عمرو بن منصور": هو أبو سعيد النسائيّ، ثقة ثبت [11] 108/ 147 منْ أفراد المصنّف. و"محمد بن محبوب" البُنانيّ بضمّ الموحّدة، وتخفيف النون، أبو عبد الله البصريّ، ثقة [10].
وفي "تهذيب التهذيب" 3/ 688 - 689 - : روى عن الحمادين، وحفص بن غياث، وعبد الواحد بن زياد، وهشيم، وأبي عوانة، وغيرهم. وعنه البخاريّ، وأبو داود، وروى النسائيّ، عن عمرو بن منصور عنه، وأحمد بن يوسف السلمي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويعقوب بن سفيان، وعيسى بن شاذان، وآخرون.
قَالَ أبو داود: سمعت ابن معين يثني عليه، ويقول: هو كَيّس صادق كثير الْحَدِيث،
الصفحة 379
389