كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
قَالَ يحيى: وكان أكيس فِي الْحَدِيث منْ مُسَدَّد، وكان مسدد خيرا منه. وَقَالَ الآجري: قلت لأبي داود: كَانَ يرى شيئا منْ القدر؟ فَقَالَ ضعيف القول فيه. وذكره ابن حبّان فِي "الثقات". قَالَ البخاريّ: مات قريبا منْ سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وَقَالَ غيره: مات سنة اثنتين، وجزم بثلاث ابنُ أبي عاصم، وابنُ قانع، وغيرهما. تفرّد به البخاريّ، قيل. روى له سبعة أحاديث، والمصنّف، وابن ماجه، وله عند المصنّف هَذَا الْحَدِيث فقط.
والحديث أخرجه مسلم، كما سبق بيانه فِي الذي قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
49 - (بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ نَسِيئَةً)
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "النَّسِيئة": بفتح النون، وكسر السين المهملة-: فَعِيلة، منْ النسأ، وهو التأخير، قَالَ الفيّوميّ: والنسيء مهموزٌ عَلَى فَعِيل، ويجوز الإدغام؛ لأنه زائد، وهو التأخير، والنسيئة عَلَى فَعِيلة مثله، وهما اسمان، منْ نسأ الله أجله، منْ باب نَفَعَ، وأنسأه بالألف: إذا أخّره، ويتعدّى بالحرف أيضًا، فيقال: نَسَأَ اللهُ فِي أجله، وأنسأ فيه، ونسأته البيع، وأنسأته فيه أيضًا، وأنسأته الدينَ: أخّرته. انتهى.
وفي "اللسان": نَسَأَ الشيءَ ينسؤه نَسْأً، وأنسأه: أخّره، فَعَلَ، وأفعلَ بمعنًى، والاسم النسيئة، والنسيء، ونسأ الله فِي أجله، وأنسأ أجله: أخّره. قَالَ: والنَّسْءُ: التأخير يكون فِي العُمْرِ والدَّيْنِ. قَالَ: ونَسَأَ الشيءَ: باعه بتأخير، والاسم النسيئة، تقول: نسأته البيع، وأنسأته، وبعته بنُسْأَةٍ، وبِعته بكُلأَةٍ، وبعته بنسيئة: أي بتأخير. انتهى.
[تنبيه]: قَالَ فِي "الفتح" 5/ 124 - 125: البيع كلّه إما بالنقد، أو بالعرْضِ، حالاً، أو مؤجّلاً، فهي أربعة أقسام: فبيع النقد إما بمثله، وهو المراطلة، أو بنقد غيره، وهو الصرف، وبيعُ الْعَرْضِ بنقد يُسمّى النقد ثمنًا، والعرضُ عِوَضًا، وبيعُ العرض بالعرض يُسمّى مقايضةً، والحلول فِي جميع ذلك جائزٌ، وأما التأجيل، فإن كَانَ النقد بالنقد مؤخّرًا، فلا يجوز، وإن كَانَ العرض جاز، وإن كَانَ العرض مؤخّرًا، فهو السلم، وإن كانا مؤخّرين، فهو بيع الدين بالدين، وليس بجائز، إلا فِي الحوالة عند منْ يقول: إنها
الصفحة 380
389