كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
بها منْ قَالَ: الضأن فِي الأضحية أفضل (بِكَبْشَيْنِ) تثنية كبش، وهو فحل الضأن فِي أيّ سنّ كَانَ، واختُلف فِي ابتدائه، فقيل: إذا أثنى، وقيل: إذا أربع، وتقدّم تمام البحث فيه (أمْلَحَيْنِ) قَالَ فِي "الفتح" 11/ 124 - 125 - : الأملح بالمهملة-: هو الذي فيه سواد وبياض، والبياض أكثر، ويقال: هو الأغبر، وهو قول الأصمعي، وزاد الخطابي: هو الأبيض الذي فِي خلل صوفه، طبقات سود، ويقال: الأبيض الخالص، قاله ابن الأعرابيّ، وبه تمسك الشافعية فِي تفضيل الأبيض فِي الأضحية، وقيل: الذي يعلوه حمرة، وقيل: الذي ينظر فِي سواد، ويمشي فِي سواد، ويأكل فِي سواد، ويَبْرُك فِي سواد: أي أن مواضع هذه منه سود، وما عدا ذلك أبيض، وحكى ذلك الماوردي عن عائشة، وهو غريب، ولعله أراد الْحَدِيث الذي جاء عنها كذا، لكن ليس فيه وصفه بالأملح، وسيأتي قريبا أن مسلما أخرجه، فإن ثبت فلعله كَانَ فِي مرة أخرى.
واختلف فِي اختيار هذه الصفة، فقيل: لحسن منظره، وقيل؛ لشحمه، وكثرة لحمه. نتهى.
(أَقْرَنَيْنِ) أي لكلّ منهما قرنان معتدلان (يُكَبِّرُ) وفي نسخة: "ويُكبّر" بالواو (وَيُسَمِّي، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ) والمراد اليدين، إن هو مفرد مضاف، فيعمّ، أي يذبح الكبشين بيديه الشريفتين -صلى الله عليه وسلم- (وَاضِعًا عَلَى صِفَاحِهِمَا قَدَمَهُ) أي حال كونه واضعًا قدمه عَلَى صفاح كلّ منهما عند ذبحه، و"الصفاح" بكسر الصاد المهملة، وتخفيف الفاء، آخره حاء مهملة-: جمع صفحة، والمواد صفحة العنق، وهي جانبه، قَالَ فِي "الفتح" 11/ 134: والمراد الجانب الواحد منْ وجه الأضحيّة، وإنما ثُنّي إشارة إلى أنه فعل فِي كلّ منهما، فهو منْ إضافة الجمع إلى المثنّى بإرادة التوزيع. انتهى. وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم" 13/ 123: وإنما فعل هَذَا؛ ليكون أثبت له، وأمكن؛ لئلا تضطرب الذبيحة برأسها، فتمنعه منْ إكمال الذبح، أو تؤذيه، وهذا أصح منْ الْحَدِيث الذي جاء بالنهي عن هَذَا. انتهى.
(قُلْتُ) القائل هو شعبة (أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْهُ) أي منْ أنس -رضي الله عنه-، ولفظ مسلم: "قَالَ: قلت: آنت سمعته منْ أنس؟ " (قَالَ) قتادة (نَعَمْ) أي سمعته منه، وإنما استثبته شعبة؛ لأنه معروف بالتدليس، فيحتمل سماعه له منْ ضعيف، لا يستجيز شعبة الرواية عنه، وفيه التأكد منْ ثبوت السماع، ولاسيما إذا كَانَ الشيخ معروفًا بالتدليس، كقتادة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
الصفحة 6
389