كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 35)

(وَكَانَ) أي بيع حبل الحبلة (بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ) كذا وقع هَذَا التفسير فِي "الموطإ" متصلا بالحديث، قَالَ الإسماعيلي: وهو مدرج -يعني أن التفسير منْ كلام نافع- وكذا ذكر الخطيب فِي "المدرج" وعند البخاريّ فِي آخر "السلم" عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، عن جُويرية: التصريح بأن نافعا هو الذي فسره، لكن لا يلزم منْ كون نافع فسره لجويرية، أن لا يكون ذلك التفسير مما حمله، عن مولاه ابن عمر، فعند البخاريّ أيضًا فِي "أيام الجاهلية" منْ طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، قَالَ: كَانَ أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبلُ الحبلة أن تُنتَج الناقة ما فِي بطنها، ثم تَحْمِل التي نُتجت، فنهاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فظاهر هَذَا السياق، أن هَذَا التفسير منْ كلام ابن عمر، ولهذا جزم ابن عبد البرّ بأنه منْ تفسير ابن عمر، وَقَدْ أخرجه مسلم، والنسائي، منْ رواية الليث، والترمذيُّ، منْ رواية أيوب، كلاهما عن نافع، بدون التفسير، وأخرجه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، منْ طريق سعيد بن جبير، عن ابن عمر, بدون التفسير أيضا. قاله فِي "الفتح" 5/ 92 - 93.
(كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ جَزُورًا) وفي رواية البخاريّ: "الجزور" بالتعريف، وهو -بفتح الجيم، وضم الزاي-: هو البعير ذكرا كَانَ، أو أنثى، إلا أن لفظه مؤنث، تقول: هذه الجزور، وإن أردت ذكرا، فيَحتَمِل أن يكون ذَكَره فِي الْحَدِيث قيدًا فيما كَانَ أهل الجاهلية يفعلونه، فلا يتبايعون هَذَا البيع، إلا فِي الجزور، أو لحم الجزور، ويحتمل أن يكون ذُكِر عَلَى سبيل المثال، وأما فِي الحكم، فلا فرق بين الجزور وغيرها فِي ذلك. قاله فِي "الفتح".
(إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ) -بضم أوله، وفتح ثالثه-: أي تَلِد ولدًا، والناقة فاعل، وهذا الفعل وقع فِي لغة العرب عَلَى صيغة الفعل المسند إلى المفعول، وهو حرف نادر.
(ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا) أي ثم تعيش المولودة، حَتَّى تَكْبَر، ثم تلد. قَالَ فِي "الفتح": وهذا القدر زائد عَلَى رواية عبيد الله بن عمر، فإنه اقتصر عَلَى قوله: "ثم تحمل التي فِي بطنها"، ورواية جويرية أخصر منهما, ولفظه: "أن تُنْتَج الناقة ما فِي بطنها". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

الصفحة 120