كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 35)

عن ابن عمر، مرفوعا، أخرجه أبو داود، وأما الثاني؛ فلأن الإيواء إلى الرحال، خرج مخرج الغالب، وفي بعض طرق حديث ابن عمر عند مسلم، والنسائيّ: "كنا نبتاع الطعام، فيَبعَث إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَن يأمرنا بانتقاله منْ المكان الذي ابتعناه فيه، إلى مكان سواه، قبل أن نبيعه".
وفرّق مالك فِي المشهور عنه، بين الجزاف والمكيل، فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه، وبه قَالَ الأوزاعي، وإسحاق، واحتُجّ لهم بأن الْجَزّاف مربي، فتكفى فيه التخلية، والاستيفاء إنما يكون فِي مكيل أو موزون. انتهى. والله تعالى أعلم.
4607 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: "كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، نَبْتَاعُ الطَّعَامَ، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ، مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَا فِيهِ، إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الإسناد تقدّم فِي الباب الماضي. وهو أصحّ أسانيد ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقيل: أصح الأسانيد عَلَى الإطلاق، كما نُقل ذلك عن البخاريّ رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: "كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، نَبْتَاعُ الطَّعَامَ) أي جزافًا، بدليل الروايات الآتية.
قَالَ ابن حزم: جمهور الرواة عن مالك لهذا الْحَدِيث فِي "الموطّإ" وغيره ذكروا فيه عنه الجزاف، كما ذكره عبيد الله، عن نافع، والزهريّ عن سالم، وإنما أسقط ذكره القعنبيّ، ويحيى فقط، توهّمًا فيه؛ لأنه خبر واحد. انتهى.
وتعقّبه وليّ الدين، فَقَالَ وفيه نظر، فقد قَالَ ابن عبد البرّ: لم يُختلف عَلَى مالك فيه، ولم يقل: جزافًا. انتهى "طرح التثريب" 5/ 1552.
والحاصل أن ذكر الجزاف ثابت فِي غير رواية مالك، فسيأتي فِي هَذَا الباب منْ روية عبيد الله، عن نافع، والزهريّ، عن سالم. والله تعالى أعلم
(فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا) بالبناء للفاعل، والفاعل ضمير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويحتمل أن يكون مبنيّا للمفعول، والنائب عن الفاعل قوله (مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ) هكذا رواية المصنّف فِي "المجتبى"، وفي "الكبرى"، وهو مشكلٌ؛ لأن "انتقل" لازم، وإنما المتعدّي نقل الثلاثيّ، قَالَ فِي "المصباح": نقلته نقلاً، منْ باب قتل: حوّلته منْ موضع إلى موضع، وانتقل: تحوّل، والاسم النُّقلة، ونقّلته بالتشديد مبالغةٌ وتكثيرٌ. انتهى. وفي

الصفحة 47