كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 35)

بانضمامه إلى صحيح مثله، كاشتراط الرهن والضمين، واشتراط التأجيل والرهن، ونحو ذلك.
وعن أحمد فِي هذه المسألة ثلاث روايات:
[إحداهنّ]: صحّة البيع والشرط. [والثانية]: فسادهما. [والثالثة]: صحّة البيع، وفساد الشرط، وهو رضي الله عنه إنما اعتمد فِي الصحّة عَلَى اتفاق عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما عَلَى ذلك، ولو كَانَ هَذَا هو الشرطان فِي البيع لم يُخالفه لقول أحد، عَلَى قاعدة مذهبه، فإنه إذا كَانَ عنده فِي المسألة حديث صحيح لم يتركه لقول أحد، ويَعجَب ممن يخالفه منْ صاحب، أو غيره.
وقوله فِي رواية المروزيّ: هو فِي معنى حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا شرطان فِي بيع"، ليس تفسيرًا منه صريحًا، بل تشبيه، وقياس عَلَى معنى الْحَدِيث، ولو قُدّر أنه تفسيره، فليس بمطابق لمقصود الْحَدِيث، كما تقدّم.
وأما تفسير القاضي فِي "المجرّد": فمن أبعد ما قيل فِي الْحَدِيث، وأفسده، فإن شرط ما يقتضيه العقد، أو ما هو منْ مصلحته، كالرهن، والتأجيل، والضمين، ونقد كذا جائزٌ، بلا خلاف، تعددت الشروط، أم اتّحدت.
فإذا تبيّن ضعف هذه الأقوال، فالأولى تفسير كلام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعضه ببعض، فنفسّر كلامه بكلامه، فنقول: نظير هَذَا نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن صفقتين فِي صفقة، وعن بيعتين فِي بيعة، فروى سماك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه -رضي الله عنه-، قَالَ: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صفقتين فِي صفقة"، وفي "السنن" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ باع بيعتين فِي بيعة، فله أوكسهما، أو الربا".
وَقَدْ فُسّرت البيعتان فِي البيعة بأن يقول: أبيعك بعشرة نقدًا، وبعشرين نسيئة، وهذا بعيد منْ معنى الْحَدِيث منْ وجهين:
[أحدهما]: أنه لا يدخل الربا فِي هَذَا العقد. [الثاني]: أن هَذَا ليس بصفقتين، إنما هو صفقة واحدة بأحد الثمنين، وَقَدْ ردّده بين الأوليين، أو الربا، ومعلوم أنه إذا أخذ بالثمن الأزيد فِي هَذَا العقد لم يكن ربا، فليس هَذَا معنى الْحَدِيث.
وفُسّر بأن يقول: خذ هذه السلعة بعشرة نقدًا، وآخذها منك بعشرين نسيئة، وهي مسألة العينة بعينها، وهذا هو المعنى المطابق للحديث، فإنه إذا كَانَ مقصوده الدراهم العاجلة بالآجلة، فهو لا يستحقّ إلا رأس ماله، وهو أوكس الثمنين، فإن أخذه أخذ أوكسهما، وإن أخذ الثمن الأكثر، فقد أخذ الربا، فلا مَحِيد له عن أوكس الثمنين، أو الربا, ولا يحتمل الْحَدِيث غير هَذَا المعنى، وهذا هو بعينه الشرطان فِي بيع، فإن

الصفحة 67