كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 36)

مُعْلمُ الطرفين، ويكون منْ خزّ، أو صوف، فإن لم يكن معلما، فليس بخميصة، فيمكن أن تكون البردة معلمة، فاتحدا، ثم تلك الخميصة كانت رداءً، والرداء بالكسر والمدّ: ما يُرتدى به، مذكّر، ولا يجوز تأنيثه، قاله فِي "المصباح"، وَقَالَ فِي "النهاية": هو الثوب، أو البُرد الذي يضعه الإنسان عَلَى عاتقيه، وبين كتفيه، فوق ثيابه. انتهى. وفي "اللسان": أن الرداء يقع عَلَى المنكبين، والكتفين، ومُجتمع العنق. انتهى.
(فَرَفَعَهُ) أي السارق (إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَمَرَ بقَطْعِهِ) أي بعد اعترافه، ففي رواية عكرمة الآتية: "فَقَالَ: إن هَذَا سرق ردائيّ، فَقَالَ له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أسرقتَ رداء هَذَا؟ قَالَ: نعم، قَالَ: اذهبا به، فاقطعا يده" (فَقَالَ) صفوان، صاحب الرداء (يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ) أي عفوت عن سرقته، فلا تقطعه، وفي رواية الأوزاعيّ: "يا رسول الله، هو له"، وفي رواية عكرمة: "ما كنت أردت أن تُقطع يده فِي ردائي"، وفي رواية حميد: "أتقطعه منْ أجل ثلاثين درهمًا؟ أنا أبيعه، وأُنسئه ثمنها" (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَبَا وَهْبٍ) بحذف حرف النداء، أي يا أبا وهب، كنية صفوان -رضي الله عنه- (أَفَلَا كَانَ) هَذَا التجاوز (قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنَا بهِ؟) أي قبل أن ترفعه إليّ متحاكمًا، يعني أنه لو تركه قبل إحضاره عنده -صلى الله عليه وسلم- ليحكم به لنفعه ذلك، وأما بعد رفعه، وثبوت السرقة عليه، فالحقّ للشرع، لا للمالك (فَقَطَعَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي أمر بقطعه، فقُطع، كما تقدّم منْ قوله: "فأمر بقطعه"، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اذهبا به، فاقطعا يده". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث صفوان بن أميّة رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -4/ 4880 و4881 و4882 و5/ 4883 و4884 و4885 و4886 - وفي "الكبرى" 7/ 7364 و7365 و7366 و8/ 7367 و7368 و7369 و7370. وأخرجه (د) فِي "الحدود" 4394 (ق) فِي "الحدود" 2595 (أحمد) فِي "مسند المكيين" 14879 و"مسند القبائل" 27090 و27097 (الموطأ) فِي "الحدود" 1579 و2197. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف الرواة فِي حديث صفوان بن أمية -رضي الله عنه- هَذَا:
(اعلم): أن المصنّف رحمه الله تعالى، قد ذكر اختلاف الرواة فِي حديث صفوان بن أُميّة -رضي الله عنه- هَذَا، فِي هَذَا الباب، وفي الباب الذي يليه، وَقَدْ بيّن ذلك الحافظ أبو عمر

الصفحة 372