كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 36)

براز، وفيه إيهام ضعف منْ ليس بضعيف، فلنُبيّن جميع هَذَا، فنقول:
أما الإسناد الذي رواه سماك بن حرب، عن حُميد ابن أخت صفوان، عن صفوان، فضعفه بَيّنٌ بحميد المذكور، فإنه لا يُعرف فِي غير هَذَا، وَقَدْ ذكره ابن أبي حاتم بذلك، ولم يزد عليه. وذكره البخاريّ، فَقَالَ: إنه حُميد بن حجير ابن أخت صفوان بن أمية، ثم ساق له هَذَا الْحَدِيث. وصحف فيه زائدة، فَقَالَ: جُعيد بن حُجير، وهو كما قلنا مجهول الحال. قَالَ: وأما الطريق التي فيها عبد الملك بن أبي بشير، فقد أوهم بقوله: لا أعلمه يتّصل منْ وجه يُحتجّ به ضعفَ عبد الملك هَذَا، وهو رجل ثقة، وثقه ابن حبّان، والقطان، وابن معين، وأبو زرعة، وَقَالَ سفيان: كَانَ شيخ صدقٍ. ولكن الطريق المذكورة يمكن أن تكون منقطعة، فإنها منْ رواية عبد الملك المذكور، عن عكرمة، عن صفوان، وعكرمة لا أعرف أنه سمع منْ صفوان، وانما يرويه عن ابن عبّاس، ومن دون عبد الملك المذكور إلى النسائيّ مخرجه ثقات.
وأما الطريق التي قَالَ فيها أشعث بن براز، عن عكرمة، عن ابن عباس، فقد اعتراه فيها خطأ فِي تفسير أشعث بأنه ابن براز، والصواب أنه أشعث بن سَوّار.
وأما الطريق التي فيها عمرو بن دينار، عن طاوس، عن صفوان، فيشبه أن لا تكون منقطعة، قَالَ أبو عمر بن عبد البرّ: أما طاوس، فسماعه منْ صفوان ممكن؛ لأنه أدرك زمان عثمان. وذكر يحيى القطّان، عن زهير، عن ليث، عن طاوس، قَالَ: أدركت سبعين شيخًا، منْ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فأما قول البزّار: إنه رواه طاوس مرسلاً، فيُشبه أن يقول ذلك لرواية لم يقل فيها: عن صفوان. والله أعلم. انتهى كلام القطّان الفاسي "بيان الوهم والإيهام" 3/ 568 - 571.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الحاصل أن حديث صفوان صحيح منْ رواية طاوس، عنه، ومن رواية عبد الله بن صفوان بن أمية، عن أبيه، كما تقدم عند ابن عبد البرّ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي فوائده (¬1):
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم تجاوز المسروق منه عن السارق بعد رفعه إلى الإمام، وهو عدم جواز ذلك. (ومنها): جواز العفو عن السارق قبل الرافع إلى الإمام. (ومنها): وجوب قطع يد السارق إذا ثبتت السرقة.
¬__________
(¬1) المراد الفوائد التي اشتمل عليها الْحَدِيث باختلاف رواياته، لا بخصوص سياق المصنّف فقط.

الصفحة 376