كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 36)

ذُكرت العارية تعريفًا لها، ووصفا لها، لا أنها سبب القطع، وَقَدْ ذكر مسلم هَذَا الْحَدِيث فِي سائر الطرق المصرّحة بأنها سرقت، وقُطعت بسبب السرقة، فيتعيّن حمل هذه الرواية عَلَى ذلك جمعًا بين الروايات، فإنها قضيّة واحدة، مع أن جماعة منْ الأئمة قالوا: إن هذه الرواية -يعني رواية معمر، عن الزهريّ لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها بلفظ الاستعارة- شاذّة، فإنها مخالفة لجماهير الرواة، والشاذّة لا يُعمل بها. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى الشذوذ للرواية المذكورة، غير صحيحة، وسيأتي الردّ عليها فِي الباب الآتي، إن شاء الله تعالى.
(فَتَجْحَدُهُ) أي تنكر كونها استعارت ذلك المتاع (فَأمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقَطْعِ يَدِهَا) أي بسبب جحدها المذكور. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث؛
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيحٌ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -5/ 4889 و4890 و891 و4892 - وفي "الكبرى" 8/ 7374 و7375 و9/ 7376 و7377. وأخرجه (د) فِي "الحدود" 4395. وبقيّة المسائل ستأتي فِي الباب التالي، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4890 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ، تَسْتَعِيرُ مَتَاعًا، عَلَى أَلْسِنَةِ جَارَاتِهَا، وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِقَطْعِ يَدِهَا).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "إسحاق بن إبراهيم": هو ابن راهويه.
وقوله: "عَلَى ألسنة جاراتها": "الجاراة" جمع جارة، مؤنّث جار، وهو الذي يجاورك بيتَ بيتَ، أفاده فِي "المصباح".
والمعنى: أن تلك المرأة تأتي إلى بيوت النَّاس، فتستعير المتاع منهم، مدّعية أن إحدى جاراتها أرسلتها، تستعير لها، وذلك لكونها غير معروفة عندهم، فتحتال عليهم بمن يعرفونها منْ بعض جاراتها، حَتَّى لا يمنعوها العارية؛ لكونها غير معروفة عندهم. والله تعالى أعلم.
والحديث صحيح، كما سبق بيانه فِي الْحَدِيث الذي قبله. والله تعالى أعلم

الصفحة 395