كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 37)

(فَكَلَّمَهُ) أي كلّم أسامة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي شأن المرأة.
قَالَ فِي "الفتح": وفي الكلام شيء مطوي، تقديره: فجاءوا إلى أسامة، فكلموه فِي ذلك، فجاء أسامة إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فكلمه، ووقع فِي رواية يونس: "فأَتَى بها رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فكلمه فيها"، فأفادت هذه الرواية أن الشافع يَشفع بحضرة المشفوع له، ليكون أعذر له عنده، إذا لم تُقبل شفاعته. وعند النسائيّ -4902 - منْ رواية إسماعيل بن أمية: "فكلمه، فزبره"، بفتح الزاي والموحدة: أي أغلظ له فِي النهي، حَتَّى نسبه إلى الجهل؛ لأن الزبر -بفتح، ثم سكون: هو العقل. وفي رواية يونس: "فكلمه، فتلون وجه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-"، زاد شعيب عند النسائيّ: "وهو يكلمه"، وفي مرسل حبيب بن أبي ثابت: "فلما أقبل أسامة، ورآه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: لا تكلمني يا أسامة". انتهى ما فِي "الفتح" 14/ 46.
(فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: يَا أُسَامَةُ) وفي رواية الليث، عن الزهريّ الآتية -4980 - : "أتشفع فِي حدّ منْ حدود الله": قَالَ فِي "الفتح": قوله: "أتشفع فِي حدّ الخ" بهمزة الاستفهام الإنكاري؛ لأنه كَانَ سبق له منع الشفاعة فِي الحد قبل ذلك، زاد يونس، وشعيب: فَقَالَ أسامة: استغفر لي يا رسول الله، ووقع فِي حديث جابر عند مسلم، والنسائي -4893 - : "أن امرأة منْ بني مخزوم سَرَقَت، فأُتى بها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فعاذت بأم سلمة" -بذال معجمة-: أي استجارت، أخرجاه منْ طريق معقل بن عبيد الله (¬1)، عن أبي الزبير، عن جابر، وذكره أبو داود تعليقا، والحاكم موصولا، منْ طريق موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-، فعاذت بزينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، قَالَ المنذري: يجوز أن تكون عاذت بكل منهما. وتعقبه العراقيّ فِي "شرح الترمذيّ": بأن زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كانت ماتت قبل هذه القصة؛ لأن هذه القصة كما تقدم كانت فِي غزوة الفتح، وهي فِي رمضان، سنة ثمان، وكان موت زينب قبل ذلك فِي جمادى الأولى، منْ السنة، فلعل المراد أنها عاذت بزينب، ربيبة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهي بنت أم سلمة، فتصحفت عَلَى بعض الرواة.
قَالَ الحافظ: أو نُسبت زينب بنت أم سلمة إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مجازًا؛ لكونها ربيبته، فلا يكون فيها تصحيف، ثم قَالَ العراقيّ: وَقَدْ أخرج أحمد هَذَا الْحَدِيث، منْ طريق ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، وَقَالَ فيه: "فعاذت بربيب النبيّ-صلى الله عليه وسلم-" براء، وموحدة مكسورة، وحذف لفظ "بنت"، وَقَالَ فِي آخره: قَالَ ابن أبي الزناد: وكان ربيب النبيّ
¬__________
(¬1) وقع هنا فِي نسخة "الفتح" غلط، نصه: "أخرجاه منْ طريق معقل بن يسار، عن عبيد الله، عن أبي الزبير"، والصواب: "منْ طريق معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير" الخ، فتنبّه.

الصفحة 10