كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 37)

-صلى الله عليه وسلم-، سلمة بن أبي سلمة، وعمر بن أبي سلمة، فعاذت بأحدهما.
قَالَ الحافظ: وَقَدْ ظَفِرت بما يدل عَلَى أنه عمر بن أبي سلمة، فأخرج عبد الرزاق، منْ مرسل الحسن بن محمد بن علي: قَالَ: "سرقت امرأة ... " فذكر الْحَدِيث، وفيه: فجاء عمر بن أبي سلمة، فَقَالَ للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أي أبه، إنها عمتي، فَقَالَ: لو كانت فاطمة بنت محمد، لقطعت يدها"، قَالَ عمرو بن دينار الراوي عن الحسن: فلم أشك أنها بنت الأسود بن عبد الأسد.
قَالَ الحافظ: ولا منافاة بين الروايتين عن جابر، فإنه يحمل عَلَى أنها استجارت بأم سلمة، وبأولادها، واختصها بذلك؛ لأنها قريبتها، وزوجها عمها، وإنما قَالَ عمر بن أبي سلمة: عمتي منْ جهة السنّ، وإلا فهي بنت عمه، أخي أبيه، وهو كما قالت خديجة لورقة، فِي قصة المبعث: أي عم، اسمَعْ منْ ابن أخيك، وهو ابن عمها، أخي أبيها أيضا.
ووقع عند أبي الشيخ، منْ طريق أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر: "أن امرأة منْ بني مخزوم سرقت، فعاذت بأسامة"، وكأنها جاءت مع قومها، فكلموا أسامة، بعد أن استجارت بأم سلمة.
ووقع فِي مرسل حبيب بن أبي ثابت: "فاستشفعوا عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بغير واحد، فكلموا أسامة".
(إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ) وفي رواية الليث: "ثُمَّ قام، فخطب، فَقَالَ: إنما هلك الذين قبلكم، أنهم كانوا ... " وفي رواية يونس -4904 - : "فلما كَانَ العشيُّ، قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطيبًا، فأثنى عَلَى الله عز وجل بما هو أهله، ثم قَالَ: أما بعد، فإنما هلك النَّاس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف ... "، وفي رواية البخاريّ: "إنما ضَلّ منْ كَانَ قبلكم".
قَالَ ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: الظاهر أن هَذَا الحصر ليس عاما، فإن بني إسرائيل، كَانَ فيهم أمور كثيرة، تقتضي الإهلاك، فيحمل ذلك عَلَى حصر المخصوص، وهو الإهلاك بسبب المحاباة فِي الحدود، فلا ينحصر ذلك فِي حد السرقة.
قَالَ الحافظ: يؤيد هَذَا الاحتمال ما أخرجه أبو الشيخ فِي "كتاب السرقة"، منْ طريق زاذان، عن عائشة، مرفوعا: "إنهم عَطَّلوا الحدود عن الاغنياء، وأقاموها عَلَى الضعفاء". والأمور التي أشار إليها ابن دقيق العيد: منها: حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فِي قصة اليهوديين اللذين زنيا، وَقَدْ تقدّم، وحديث ابن عباس رضي الله

الصفحة 11