كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 37)

عَلَى المدعى أصلاً. قاله فِي "الفتح" 14/ 49.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: مسألة "شرعُ منْ قبلنا شرع لنا" قد تقدّم البحث عنها غير مرّة، وأن هَذَا هو الأرجح، وهو الذي جرى عليه البخاريّ، ومسلم، بل والمحدثون عمومًا فِي مؤلفاتهم، حيث يبوّبون أبوابًا، ولا يوردون فِي ذلك الباب إلا حديثًا يتعلّق بذكر بني إسرائل، كقول البخاريّ فِي "كتاب الأدب" منْ "صحيحه": "باب رحمة النَّاس، والبهائم"، ثم أورد فيه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "بينما رجل يمشي بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئرا، فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى منْ العطش، فَقَالَ الرجل: لقد بلغ هَذَا الكلبَ منْ العطش مثلُ الذي كَانَ بلغ بي، فنزل البئر، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له"، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا فِي البهائم أجرًا؟ فَقَالَ: "نعم، فِي كل ذات كبد رطبة أجر". انتهى. ولو سلكت فِي تعداد ما فِي "صحيح البخاريّ، ومسلم" منْ ذلك لخرجت منْ المقصود، وَقَدْ ذكرت ذلك فِي هَذَا الشرح غير مرّة. فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحيّر بالتقليد والاعتساف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي سبب قطع هذه المرأة، هل هو جحد العارية، أم سرقتها؟، ومنشؤ الخلاف اختلاف الروايات فِي ذلك:
قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى فِي "الفتح" عند قوله: (أهمتهم المرأة المخزومية التي سَرَقَتْ): ما حاصله: زاد يونس فِي روايته: "فِي عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فِي غزوة الفتح"، ووقع بيان المسروق فِي حديث مسعود بن أبي الأسود المعروف بابن العجماء، فأخرج ابن ماجه، وصححه الحاكم، منْ طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة ابن رُكانة، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود، عن أبيها، قَالَ: "لَمّا سَرَقت المرأة تلك القطيفة، منْ بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أعظمنا ذلك، فجئنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نكلمه"، وسنده حسن، وَقَدْ صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث، فِي رواية الحاكم، وكذا علقه أبو داود، فَقَالَ: رَوَى مسعود بن الأسود، وَقَالَ الترمذيّ بعد حديث عائشة المذكور هنا: "وفي الباب عن مسعود بن العجماء"، وَقَدْ أخرجه أبو الشيخ فِي "كتاب السرقة"، منْ طريق يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن طلحة، فَقَالَ: "عن خالته بنت مسعود بن العجماء، عن أبيها"، فيحتمل أن يكون محمد بن طلحة، سمعه منْ أمه، ومن خالته، ووقع فِي مرسل حبيب بن أبي ثابت: "أنها سرقت حليا".
قَالَ الحافظ: ويمكن الجمع بأن الحلى، كَانَ فِي القطيفة، فالذي ذكر القطيفة، أراد

الصفحة 16