كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 37)

قريش، فجئنا إلى رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: نحن نَفْديها بأربعين أوقية، قَالَ: تُطَهَّر خير لها، فلما سمعنا لِين قولِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أتينا أسامة، فقلنا: كَلِّم لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... " وذكر الْحَدِيث، نحو سياق عائشة، وهذا ظاهر فِي أن القصة واحدة، وأنها سرقت، فقطعت بسرقتها، وإنما عَرَّفَتها عائشة بجحدها للعارية؛ لكونها مشهورة بذلك، ولا يلزم أن يكون ذلك سببا، كما لو عَرَّفتها بصفة منْ صفاتها، وفيما ذكرنا جمع بين الأحاديث، وموافقة لظاهر الأحاديث، والقياس، وفقهاء الأمصار، فيكون أولى، فأما جاحد الوديعة، وغيرها منْ الأمانات، فلا نعلم أحدا يقول بوجوب القطع عليه. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله تعالى "المغني" 12/ 416 - 418. وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: قول سفيان المتقدم، ذهبت أسال الزهريّ، عن حديث المخزومية التي سرقت، فصاح عليّ مما يكثر السؤال عنه، وعن سببه، وَقَدْ أوضح ذلك بعض الرواة، عن سفيان، فرأينا فِي كتاب "المحدث الفاصل" لأبي محمد الرامهرمزي، منْ طريق سليمان بن عبد العزيز، أخبرني محمد بن إدريس، قَالَ: قلت لسفيان بن عيينة، كم سمعت منْ الزهريّ؟ قَالَ: أما مع النَّاس، فما أحصي، وأما وحدي فحديث واحد، دخلت يوما منْ باب بني شيبة، فإذا أنابه جالس إلى عمود، فقلت: يا أبا بكر، حدثني حديث المخزومية، التي قطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدها، قَالَ: فضرب وجهي بالحصى، ثم قَالَ: قم، فما يزال عبد يَقدَم علينا بما نكره، قَالَ: فقمت منكرا، فمر رجل، فدعاه، فلم يسمع، فرماه بالحصى، فلم يبلغه، فاضطر إليّ، فَقَالَ: ادعه لي، فدعوته له، فأتاه، فقضى حاجته، فنظر إلي، فَقَالَ: تعال، فجئت، فَقَالَ: أخبرني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "العجماء جبار ... " الْحَدِيث، ثم قَالَ لي: هَذَا خير لك منْ الذي أردت.
قَالَ الحافظ: وهذا الْحَدِيث الأخير أخرجه مسلم، والأربعة، منْ طريق سفيان، بدون قصة. انتهى "فتح" 14/ 41 - 45. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4898 - (أَخْبَرَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِسَارِقٍ فَقَطَعَهُ، قَالُوا: مَا كُنَّا نُرِيدُ أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُ هَذَا، قَالَ: "لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةَ لَقَطَعْتُهَا").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "رزق الله بن موسى" أبو بكر، ويقال: أبو الفضل الناجيّ البغداديّ الإسكافي الْكَلَوْذَاني، يقال: اسمه: عبد الأكرم، صدوقٌ يهم [10].

الصفحة 24