كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 37)

وقوله: "الدّون" بالضمّ: هو بمعنى الضيعف، أو الوضيع فِي الروايات الأخرى، قَالَ الفيّوميّ: وشيءٌ منْ دونٍ بالتنوين: أي حقيرٌ ساقطُ، ورجلٌ منْ دونِ، هَذَا أكثر كلام العرب، وَقَدْ تحذف "منْ"، وتجُعل "دونٌ" نعتًا، ولا يُشتقّ منه. انتهى.
وَقَالَ فِي "اللسان": و"الدُّون": الحقير الخسيس، وَقَالَ الشاعر [منْ المتقارب]:
إِذَا مَا عَلَا الْمَرْءُ رَامَ الْعَلاءَ ... وَيَقْنَعُ بِالدُّونِ مَنْ كَانَ دُونَا
ولا يُشتقّ منه فعل، وبعضهم يقول منه: دان يدُون دَوْنًا، وأُدِينَ إِدانةً. انتهى.
والحديث متّفقٌ عليه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4900 - (أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اسْتَعَارَتِ امْرَأَةٌ عَلَى أَلْسِنَةِ أُنَاسٍ يُعْرَفُونَ، وَهِيَ لاَ تُعْرَفُ، حُلِيًّا فَبَاعَتْهُ، وَأَخَذَتْ ثَمَنَهُ، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَسَعَى أَهْلُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ يُكَلِّمُهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَتَشْفَعُ إِلَيَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ "، فَقَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَشِيَّتَئِذٍ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ فِيهِمْ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا"، ثُمَّ قَطَعَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "عمران بن بكّار": هو الكَلاعيّ الْبَرَّاد الْحِمصيّ المؤذّن، ثقة [11] 17/ 1541 منْ أفراد المصنّف. و"بشر بن شُعيب": هو أبو القاسم الحمصيّ، ثقة، منْ كبار [10] 7/ 1466. و"أبوه": هو شُعيب بن أبي حمزة/ دينار الأمويّ مولاهم، أبو بشر المحصيّ، ثقة عابدٌ، قَالَ ابن معين: منْ أثبت النَّاس فِي الزهريّ [7] 69/ 85.
وقوله: "عَلَى ألسنة أُناس الخ": أي باسمهم، ولأجلهم، يعني أنها تأتي أناسًا، وتقول لهم: إن فلانة ممن يعرفونها، أرسلتني إليكم تستعير الحلي الفلاني، فيُعطونها؛ لكونهم يعرفون تلك المرأة.
وقوله: "يُعرفون" بالبناء للمفعول، وكذا قوله: "وهي لا تُعرَف".
وقوله: "عشيّتئذ" بنصب "عشيّة" عَلَى الظرفيّة لـ"قام"، وهو مضاف إلى "إذ". و"العشيّة" ما بين الزوال إلى الغروب، وقيل: هو آخر النهار، وقيل: منْ الزوال إلى الصباح.

الصفحة 26