كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 37)

أيضًا فِي "المسح عَلَى الخفين".
3 - (أبو زرعة بن عمرو بن جرير) البجليّ الكوفيّ، قيل: اسمه هَرِم، وقيل: عمرو، وقيل: غير ذلك، ثقة [3] 43/ 50.
4 - (أبو هريرة) رضي الله تعالى عنه 1/ 1. والباقيان تقدّما فِي الباب الماضي. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ) الأزرق النحويّ المروزيّ، أنه (قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ) البجليّ (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ) البجليّ الكوفيّ (يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "حَدٌّ) مبتدأ خبره "خير"، وجملة قوله: (يُعْمَلُ فِي الْأَرْضِ) صفة لـ"حدّ" (خَيْرٌ لأَهْلِ الأَرْضِ) أي أكثر بركةً فِي الرزق، منْ الثمار والأنهار، وغير ذلك (مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا) بالبناء للمفعول، يقال: مطرت السماء تمطُر مَطَرًا، منْ باب طَلَبَ، فهي ماطرةٌ فِي الرحمة، وأمطرت بالألف أيضًا لغة، وفي العذاب أمطرت بالألف، لا غير، كما تفيده عبارة "المصباح" (ثَلَاثِينَ صَبَاحًا) وفي الرواية التالية: "خير منْ مطر أربعين ليلة"، وفي رواية أحمد فِي "مسنده" 2/ 362 منْ طريق زكريا بن عديّ، عن ابن المبارك: "ثلاثين، أو أربعين صباحًا"، وكونه أربعين هو الأصحّ؛ لعدم الشك فيه.
وفي الْحَدِيث: الحثّ والترغيب فِي إقامة الحدود، وبيان فضله فِي الأمة؛ ووجه ذلك أنَّ الله سبحانه وتعالى قَالَ: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9]، وَقَدْ بيّن فِي هَذَا الْحَدِيث أن إقامة الحدّ خيرٌ منْ نزول الأمطار أربعين ليلة، فثبت به ما لها منْ كثرة الخيرات والبركات. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هَذَا حسن، بلفظ "أربعين"، كما هو فِي الرواية التالية.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه جرير بن يزيد، وهو ضعيف؟.
[قلت]: إنما صحّ لأن له شاهدًا منْ حديث ابن عبّاس رضى الله تعالى عنهما، مرفوعًا، أخرجه الطبراني فِي "الكبير"، و"الأوسط"، بإسناد حسن، كما قَالَ المنذريّ، والعراقيّ، بلفظ: "حدّ يقام فِي الأرض، أزكى فيها، منْ مطر أربعين يومًا"، وَقَدْ تكلّم

الصفحة 31