كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 37)

[الثامن عشر]: دينار، أو عشرة دراهم، أو ما يساوي أحدهما، حكاه ابن حزم أيضًا، وأخرجه ابن المنذر عن علي، بسند ضعيف، وعن ابن مسعود بسند منقطع، قَالَ: وبه قَالَ عطاء.
[التاسع عشر]: ربع دينار فصاعدا، منْ الذهب، عَلَى ما دل عليه حديث عائشة، ويُقطع فِي القليل والكثير، منْ الفضة، والعروض، وهو قول ابن حزم، ونقل ابن عبد البرّ نحوه عن داود، واحتَجَّ بأن التحديد فِي الذهب ثبت صريحا، فِي حديث عائشة، ولم يثبت التحديد صريحا فِي غيره، فبقي عموم الآية عَلَى حاله، فيقطع فيما قل أو كثر، إلا إذا كَانَ الشيء تافها، وهو موافق للشافعي، إلا فِي قياس أحد النقدين عَلَى الآخر، وَقَدْ أيده الشافعيّ بأن الصرف يومئذ، كَانَ موافقا لذلك، واستَدَلَّ بأن الدية عَلَى أهل الذهبْ ألف دينار، وعلى أهل الفضة اثنى عشر ألف دينار، وتقدم فِي قصة الأترجة قريبا ما يؤيده، ويخرج منْ تفصيل جماعة منْ المالكية، أن التقويم يكون بغالب نقد البلد، إن ذهبا فبالذهب، وإن فضة فبالفضة، تمام العشرين مذهبا.
وَقَدْ ثبت فِي حديث ابن عمر، أنه -صلى الله عليه وسلم-، قطع فِي مجن قيمته ثلاثة دراهم، وثبت: "لا قطع فِي أقل منْ ثمن المجن"، وأقل ما ورد فِي ثمن المجن ثلاثة دراهم، وهي موافقة للنص الصريح فِي القطع، فِي ربع دينار، وإنما ترك القول بأن الثلاثة دراهم نصاب، يُقطع فيه مطلقا؛ لأن قيمة الفضة بالذهب تختلف، فبقي الاعتبار بالذهب، كما تقدم، والله أعلم. انتهى ما فِي "الفتح" 14/ 61 - 63.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن الأرجح هو ما ذهب إليه أحمد، وإسحاق، منْ أنه إذا كَانَ المسروق ذهبًا، فالنصاب ربع دينار، وإن كَانَ فضّةً، فالنصاب ثلاثة دراهم، وإن كَانَ غيرهما، يُقطع إذا بلغت قيمته أحدهما، فإن هَذَا القول هو الموافق للحديث المتّفق عليه: "تُقطع اليد فِي ربع دينا"، وحديث: "قطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي مجنّ قيمته ثلاثة دراهم"، فالحديث الثاني يدلّ عَلَى أن غير الذهب والفضّة يقوّم بهما. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4910 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَطَعَ فِي مِجَنٍّ، ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وَقَدْ تقدّموا غير مرّة. والسند منْ رباعيّات المصنّف، وهو (237) منْ رباعيات الكتاب، وهو أعلى الأسانيد له، وَقَدْ تقدّم غير مرّة، وهو أصح الأسانيد عَلَى الإطلاق، فيما نُقل عن الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى: "مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما".

الصفحة 41