كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 37)

إِلاَّ فِي الْخَمْسِ"، قَالَ هَمَّامٌ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ الدَّانَاجَ، فَحَدَّثَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: "لاَ تُقْطَعُ الْخَمْسُ، إِلاَّ فِي الْخَمْسِ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "همام": هو ابن يحيى الْعَوْذيّ. و"عبد الله" بن فَيْرُوز الدَّانَاج ومعناه بالفارسية: العالم - البصريّ، ثقة [5].
روى عن أنس، وأبي برزة الأسلميّ، وأبي رافع الصائغ، وسليمان بن يسار، وغيرهم. قَالَ أبو زرعة: ثقة. وَقَالَ النسائيّ: ليس به بأس. وذكره ابن حبّان فِي "الثقات"، روى له البخاريّ، ومسلم، والمصنّف، وابن ماجه، وله فِي هَذَا الكتاب هَذَا الْحَدِيث فقط.
وقوله: "لا تُقطع الخمس إلا فِي الخمس": أي لا يجوز، ولا يُشرع قطع خمس أصابع -والمراد قطع اليد- إلا فِي سرقة خمسة دراهم.
وقوله: "قَالَ همّام الخ": يعني أن همّام يحيى لقي عبد الله الداناج، شيخ قتادة فِي هَذَا الْحَدِيث، فحدّثه بما حدّث به قتادة، وفائدته بيان علوّ الإسناد.
والحديث تفرد به المصنّف، وهو مقطوعٌ -أي أنه موقوفٌ عَلَى التابعيّ- وإسناده صحيح، لكنّه مخالف للأحاديث المرفوعة الصحيحة التي تقدّمت بأن القطع فِي ربع دينار، وصحّ تقويمه بثلاثة دراهم، لا بخمسة، فتنبّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4943 - (أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ، فِي أَدْنَى مِنْ حَجَفَةٍ، أَوْ تُرْسٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "عبد الله": هو ابن المبارك.
ولفظ البخاريّ منْ طريق عبدة بن سليمان، عن هشام، عن أبيه أخبرتني عائشة أن يد السارق لم تقطع عَلَى عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلا فِي ثمن مِجنّ: حجَفَة، أو تُرْس".
قَالَ فِي "الفتح": وقع عند الإسماعيلي، منْ طريق هارون بن إسحاق، عن عبدة بن سليمان، فيه زيادة قصة فِي السند، ولفظه: "عن هشام بن عروة، أن رجلا سرق قَدَحًا، فأُتى به عمر بن عبد العزيز، فَقَالَ هشام بن عروة: قَالَ أبي: إن اليد لا تقطع فِي الشيء التافه، ثم قَالَ: حدثتني عائشة، وهكذا أخرجه إسحاق بن راهويه، فِي "مسنده" عن عبدة بن سليمان، وهكذا رواه وكيع وغيره، عن هشام، لكن أرسله كله. انتهى.
وقوله: "قالت: لم تُقطع يد سارق الخ"، ولفظ البخاريّ: "لم تُقطع يد سارق عَلَى عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي أدنى منْ ثمن المجنّ: تُرس، أو حجفة":

الصفحة 68