كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 38)
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَلِيٍّ) بن أبي طالب -رضي الله عنه-، أنه قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ تَحْلِقَ) بالبناء للمفعول، منْ باب ضرب (الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا) أي مطلقاً، سواء كَانَ للتحلّل منْ إحرام الحجّ، أو العمرة، وفيه دليلٌ عَلَى أنه لا يجوز للنساء حلق شُعُورهنّ فِي التحلّل منْ الإحرام، بل المشروع لهنّ التقصير فقط. قَالَ الإمام الترمذيّ رحمه الله تعالى: والعمل عَلَى هَذَا عند أهل العلم، لا يرون عَلَى المراة حلّقًا، ويرون أن عليها التقصير. يعني فِي التحلل منْ الإحرام. وحكى الحافظ فِي "الفتح" الإجماع عَلَى ذلك. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عليّ رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.
[تنبيه]: قَالَ الإمام الترمذيّ رحمه الله تعالى فِي "جامعه" بعد أن أخرجه: حديث عليّ -رضي الله عنه- فيه اضطراب؛ أي لأن هماماً رواه مرّة عن قتادة، عن خِلاس، عن عليّ، ومرّة عن خِلاس، ولم يذكر فيه "عن عليّ". وروي هَذَا الْحَدِيث عن حمّاد بن سلمة، عن قتادة، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تحلق المرأة رأسها. انتهى كلام الترمذيّ رحمه الله تعالى.
وَقَالَ عبد الحقّ فِي "أحكامه": هَذَا حديث يرويه همّام، عن يحيى، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عليّ -رضي الله عنه-، وخالفه هشام الدستوائيّ، وحمّاد بن سلمة، فروياه عن قتادة، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، مرسلاً. انتهى.
وفي الباب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، مرفوعًا: "ليس عَلَى النِّساء الحلق، إنما عَلَى النِّساء التقصير". أخرجه أبو داود، والدراقطنيّ، والطبرانيّ، وإسناده حسنٌ، وقوّاه أبو حاتم فِي "العلل"، والبخاريّ فِي "التاريخ"، وأعلّه ابن القطّان (¬1)،
¬__________
(¬1) انظر كتابه "بيان الوهم والإيهام" 2/ 545 - أعله بأن أم عثمان لا يعرف حالها، وجوابه أنها قد ثبت صحبتها، فهي معروفة. وأعله أيضاً بالانقطاع، وجوابه أن الانقطاع فِي سند أبي داود فقط، حيث قَالَ ابن جريج: بلغني عن صفية بنت شيبة، وَقَدْ صح عند الدارقطنيّ وغيره أنه قَالَ: أخبرني عبد الحميد بن جبير، فزال الانقطاع. وأعله بانقطاع آخر أيضًا، حيث قَالَ أبو داود: حدثنا رجل ثقة يكنى أبا يعقوب، وجوابه أنه سمي عند الدارقطنيّ وغيره: إسحاق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل، وهو ثقة، كما يأتي بيان ذلك قريبًا.
والحاصل أن إعلال ابن القطّان لأسانيد أبي داود، ومن الغريب أنه ذكر أن الدارقطنيّ أخرج =
الصفحة 10
402