كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 38)

قَالَ: وجعل التفسير منْ قول عبيد الله بن عمر، ثم أخرجه منْ طريق عثمان الغطفاني، ورَوْح بن القاسم، كلاهما عن عمر بن نافع، قَالَ: وألحقا التفسير فِي الْحَدِيث -يعني أدرجاه- ولم يسق مسلم لفظه، وَقَدْ أخرجه أحمد عن عثمان الغطفاني، ولفظه: نَهَى عن القزع، والقزع أن يحلق، فذكر التفسير مدرجًا، وأخرجه أبو داود، عن أحمد، وأما رواية روح بن القاسم، فأخرجها مسلم، وأبو نعيم فِي "المستخرج"، وَقَدْ أخرجه مسلم، منْ طريق عبد الرحمن السراج، عن نافع، ولم يسق لفظه، وأخرجه أبو نعيم فِي "المستخرج"، منْ هَذَا الوجه، فحذف التفسير، وأخرجه مسلم أيضًا، منْ طريق معمر، عن أيوب، عن نافع، ولم يسق لفظه، وهو عند عبد الرزاق فِي "مصنفه"، عن معمر، وأخرجه أبو داود، والنسائي، وفي سياقه ما يدلّ عَلَى مستند منْ رفع تفسير القزع، ولفظه أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، رأى صبيا قد حلق بعض رأسه، وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، فَقَالَ: "احلقوا كله، أو ذروا كله".
وقوله: "أما القصة، والقفا للغلام، فلا بأس بهما": القصة -بضم القاف، ثم المهملة- والمراد بها هنا شعر الصدغين، والمراد بالقفا شعر القفا، والحاصل منه أن القزع، مخصوص بشعر الرأس، وليس شعر الصدغين، والقفا منْ الرأس، وأخرج بن أبي شيبة، منْ طريق إبراهيم النخعي، قَالَ: لا بأس بالقصة، وسنده صحيح، وَقَدْ تُطلق القصة عَلَى الشعر المجتمع الذي، يوضع عَلَى الأذن منْ غير أن يوصل شعر الرأس، وليس هو المراد هنا.
وأما ما أخرجه أبو داود، منْ طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قَالَ: نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن القزع، وهو أن يُحلق رأس الصبي، ويتخذ له ذؤابة، فما أعرف الذي فسر القزع بذلك، فقد أخرج أبو داود عقب هَذَا، منْ حديث أنس -رضي الله عنه-، فقالت أمي: لا أَجُزُّها، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ يمُدُّها، ويأخذ بها، وأخرج النسائيّ بسند صحيح -10/ 5067 - عن زياد بن حصين، عن أبيه، أنه أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فوضع يده عَلَى ذؤابته، وسمت عليه، ودعا له، ومن حديث ابن مسعود -10/ 5065 - وأصله فِي "الصحيحين" قَالَ قرأت منْ فِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت لَمَعَ الغلمان، له ذؤابتان.
ويمكن الجمع بأن الذؤابة الجائز اتخاذها، ما يفرد منْ الشعر، فيرسل، ويجمع ما عداها بالضفر، وغيره، والتي تمنع أن يحلق الرأس كله، ويترك ما فِي وسطه، فيتخذ ذؤابة، وَقَدْ صرح الخطّابيّ بأن هَذَا مما يدخل فِي معنى القزع. والله أعلم. انتهى ما فِي "الفتح" 11/ 558 - 560.

الصفحة 17