كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 38)
الحلق وتركه، لكن الأفضل أن لا يحلق، إلا فِي أحد النسكين، كما كَانَ عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه رضي الله عنهم. (ومنها): أن حلق بعض الرأس، وترك بعضه عَلَى أي شكل كَانَ منْ قُبُل، أو دُبُر منهي عنه، وأن الجائز فِي حق الصبيان أن تُحلَقَ رؤوسهم كلها، أو يترك كلها. (ومنها): ما قاله الشوكاني رحمه الله تعالى فِي "النيل": فِي الْحَدِيث رَدٌّ عَلَى منْ كره حلق الرأس؛ لما رواه الدارقطنيّ فِي "الأفراد"، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه قَالَ: "لا توضع النواصي إلا فِي حج، أو عمرة" (¬1)، ولقول عمر -رضي الله عنه- لضُبيع لو وجدتك محلوقا، لضربت الذي فيه عيناك بالسيف، ولحديث الخوارج أن سيماهم التحليق. قَالَ أحمد: إنما كرهوا الحلق بالموسى، أما بالمقراض فليس به بأس؛ لأن أدلة الكراهة تختص بالحلق. انتهى كلام الشوكاني. ولم يُجب عما تمسك به القائلون بالكراهة، وأقواها حديث الخوارج، وأجاب النوويّ عنه بأنه لا دلالة فيه عَلَى كراهة حلق الرأس، وإنما هو علامة لهم، وَقَدْ تكون بحرام، والعلامة قد تكون بمباح، كما قَالَ -صلى الله عليه وسلم- آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، ومعلوم أن هَذَا ليس بحرام، وَقَدْ ثبت فِي "سنن أبي داود" بإسناد عَلَى شرط الشيخين -يعني حديث الباب- قَالَ: وهذا صريح فِي إباحة حلق الرأس، لا يحتمل تأويلا. انتهى "عون المعبود" 11/ 166. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
4 - (النَّهْيُ عَنْ حَلْقِ الْمَرْأَةِ رَأْسَهَا)
5051 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلاَسٍ، عَنْ عَلِيٍّ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا).
رجال هَذَا الإسناد: ستة:
1 - (محمد بن موسى بن نُفَيع الْحَرَشيّ) -بفتح المهملة، والراء، ثم شين معجمة- أبو عبد الله البصريّ، ليّن الْحَدِيث (¬2) [10].
¬__________
(¬1) يحتاج للنظر فِي إسناده، وكذا أثر عمر بعده، فالله تعالى أعلم.
(¬2) هكذا قَالَ عنه فِي (التقريب): لين الْحَدِيث، والذي يظهر لي أنه صدوقٌ، نظراً لصنيع الحافظ =
الصفحة 8
402