كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

كأنّ وقد أتى حَوْلَ كَمِيل ... أثافيَها حماماتٌ مثولُ
ويجوز حذف الاسم إذا فهم معناه، ولا يخص ذلك بالشعر، بل وقوعه فيه أكثر، وحذفه وهو ضمير الشأن أكثر من حذفه وهو غيره، ومن وقوع ذلك في غير الشعر قول بعضهم: إنّ بك زيدٌ مأخوذٌ، حكاه سيبويه عن الخليل مريدا به: إنه بك زيدٌ مأخوذ، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: "إنّ من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون". هكذا رواه الثقات بالرفع. وحمله الكسائي على زيادة من، وجعل أشد الناس اسما، والمصورون خبرا، والصحيح أن الاسم ضمير الشأن، وقد حذف كما حذف في: إن بك زيد مأخوذ، لأن زيادة من مع اسم إن غير معروفة. وحكى الأخفش: إن بك مأخوذ أخواك، وتقديره: إنك بك مأخوذ أخواك، فحذف الاسم، وهو ضمير المخاطب، وجعل "مأخوذ" خبرا مرتفعا به أخواك، كما كان يرتفع بيؤخذ، ولا يجوز أن يكون التقدير: إنه بك مأخوذ أخواك، لأن الصفة المرتفع بها ظاهر بمنزلة الصفة المرتفع بها مضمر في أنها لا تسد مسد جملة، ولا يكون مفسر ضمير الشأن إلا جملة محضة مصرحا بجزأيها، ومن حذف الاسم في الشعر قول الشاعر:
فلو كنتَ ضبِّيّا عَرَفت قرابتي ... ولكنّ زنجيٌ عظيم المَشافر
رواه سيبويه برفع زنجي ونصبه، وجعل تقديره في الرفع: ولكنك زنجي، وتقديره في النصب: ولكن زنجيا عظيم المشافر لا يعرف قرابتي. ومن حذف الاسم قول الشاعر:
فليتَ دفعتَ الهمَّ عني ساعةً ... فبتنا على ما خيلتْ ناعِمَيْ بال
فيحتمل هذا أن يكون تقديره: فليتك، ويحتمل أن يكون تقديره: فليته، وكذا

الصفحة 13