كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

ومثله قوله تعالى (يومئذ) و (بعد إذ أُنْزِلَتْ). ومن وقوع إذ موقع إذا قول الشاعر:
متى ينالُ الفتى اليقظانُ حاجتَه ... إذ المُقامُ بأرضِ اللَّهْو والغَزَل
ولا يليها عند سيبويه إلا فعل ومعمول فعل، فإن كان اسما مرفوعا وجب عنده أن يرفع بفعل مقدر موافق لفعل ظاهر بعده كقوله تعالى: (إذا الشمسُ كُوّرتْ * وإذا النجومُ انكدرتْ) فالشمس مرفوع بكُوّرتْ مضمرا، والنجوم مرفوع بانكدرتْ مضمرا وكذا ما أشبههما، لا يجيز سيبويه غير ذلك. واختار الأخفش ما أوجبه سيبويه، وأجاز مع ذلك جعل المرفوع بعد إذا مبتدأ، وبقوله أقول، لأن طلب إذا للفعل ليس كطلب إنْ، بل طلبها له كطلب ما هو بالفعل أولى مما لا عمل له فيه كهمزة الاستفهام، فكما لا يلزم فاعلية الاسم بعد الهمزة لا يلزم بعد إذا. ولذلك جاز أن يقال إذا الرجل في المسجد فظُنّ به خيرا. ومنه قول الشاعر:
إذا باهليٌّ تحتَه حَنْظَلِيّةٌ ... له ولدٌ منها فذاكَ المُذَرّعُ
فجعل بعد الاسم الذي ولى إذا ظرفا واستغنى به عن الفعل، ولا يفعل ذلك بمختص بالفعل. ومما يدل على صحة مذهب الأخفش قول الشاعر:
فأمْهلَه حتّى إذا أنْ كأنّه ... مُعاطِي يدٍ في لُجّة الماءِ غامِرُ
فأوْلى إذا أنْ الزائدة وبعدها جملة اسمية، ولا يفعل ذلك بما هو مختص بالفعل، وأنشد ابن جني لضيغم الأسديّ:
إذا هو لم يَخَفْنِي في ابن عمِّي ... وإنْ لم ألقَهُ الرجلُ الظلومُ

الصفحة 213