كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

وما زلْتُ مَحمولا عليَّ ضغينةٌ ... ومُضْطلِعَ الأضْغانِ مُذ أنا يافِعُ
وروى الكوفيون مذ ومِنذ بكسر الميم وجعلوا ذلك حجة على تركيبها من "مِنْ" و"ذو" الطائية؛ ولا حجة فيه لأن الأصل عدم التركيب. وإذا ولى مذ ساكن ضمت ذالها كقولك لم أر فلانا مذُ اليوم لأن أصلها منذ، محرك لالتقاء الساكنين ومضموم للإتباع، فلما حذفت النون سكنت الذال لئلا يلتقي في الوصل ساكنان، وكان أولى الحركات بها الضمة لأنها حركتها قبل أن تحذف النون. وبعض العرب يقولون مذِ اليوم بالكسر على أصل التقاء الساكنين. وقد تقدم الكلام على ذلك.
ص: ومنها الآن لوقت حضر جميعه أو بعضه، وظرفيته غالبة لا لازمة؛ وبني لتضمنها معنى الإشارة أو لشبه الحرف في ملازمة لفظ واحد. وقد يعرب على رأي. وليس منقولا من فعل خلافا للفراء".
ش: مسمَّى الآن الوقت الحاضر جميعه كوقت فعل الإنشاء حال النطق به أو الحاضر بعضه كقوله تعالى: (فمَن يَسْتَمِعْ الآن يجدْ له شهابا رَصَدا) وكقوله تعالى: (الآن خفَّفَ اللهُ عنكم) وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقوا فيُوشِكُ الرجلُ أنْ يَمشي بصدقته فيقول الذي أعطيها لو جئتنا بالأمس لأخذتها، وأما الآن فلا حاجة لي بها" ومثله قول علي رضي الله عنه "كان ذلك والإسلام قُلٌّ، فأما الآن فقد اتّسع نِطاقُ الإسلام فامرؤ وما اختار" ومثله قول الشاعر:

الصفحة 218