كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

فلو أنها إحْدى يَدِيَّ رُزئتُها ... ولكن يدِي ماتتْ على إثرها يَدِي
وليست ظرفيته بلازمة، بل وقوعه ظرفا أكثر من وقوعه غير ظرف، كقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمع وجْبَة: "هذا حجر قد رُمِيَ به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوى في النار. الآن حين انتهى إلى قعرها". فالآن هنا في موضع رفع بالابتداء وحين انتهى خبره. وهو مبني لإضافته إلى جملة مصدرة بفعل ماض. ومن وقوع الآن غير ظرف قول الشاعر:
أإلى الآنَ لا يَبين ارعوا ... ؤكَ بعد المشيب عن ذا التصابي
وبُني لتضمنه معنى الإشارة، فإن معنى قولك أفعل الآن: أفعل في هذا الوقت.
وجائز أن يقال بُني لشبهه بالحروف في ملازمة لفظ واحد، فإنه لا يثنى ولا يجمع ولا يُصغّر، بخلاف حين ووقت وزمان ومدة. وقيل بُني لتضمن معنى حَرف التعريف والحرف الموجود غير معتدّ به.
وضعف هذا القول بيّن، لأن تضمين اسم معنى اختصارٌ ينافي زيادة ما لا يعتدّ به، هذا مع كون المزيد غير المضمن معناه فكيف إذا كان إياه?
وجعل الزمخشري سبب بنائه وقوعه في أول أحواله بالألف واللام، لأن حق الاسم في أول أحواله التجرد منهما ثم يعرض تعريفه فيلحقانه كقولك مررت برجل فأكرمني الرجلُ، فلما وقع الآن في أول أحواله بالألف واللام خالف الأسماء وأشبه الحروف. ولو كان هذا سبب بنائه لبني الجماء الغفير واللات ونحوهما مما وقع في أول أحواله بالألف واللام. ولو كانت مخالفة الاسم لسائر الأسماء موجبة لشبه الحروف واستحقاق البناء لوجب بناء كل اسم خالف الأسماء بوزن أو غيرهن وعدم ذلك مجمع عليه فوجب اطراح ما أفضى إليه.

الصفحة 219