كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

ش: قد تقدم الإعلام بأن المسمى ظرفا في النحو هو ما استغى فيه بمعنى في عن لفظها استغناء مطردا من اسم زمان أو مكان، وأن ذلك واقع من أسماء الزمان كلها مختصها ومبهمها. فلما استوفيت الكلام على أسماء الأزمنة أخذت في أسماء الأمكنة وبيان ما يصلح منها للظرفية القياسية وما لا يصلح، فبينت أن الصالح لها أربعة أنواع:
أحدها ما دل على مقدار كميل وفرسخ وبريد. والثاني ما دل على مسمّى إضافيّ محض، أي على مسمّى لا تعرفه حقيقة بنفسه، بل بما يضاف إليه كمكان وناحية وأمام ووراء وكجنابَتَيْ في قول العرب: هما خطّان جنابَتَيْ أنفها. يعنون خطين اكتنفا أنف الظبية، وكجنبَي في قول الشاعر:
نحنُ الفوارسُ يومَ الحنْو ضاحية ... جَنْبَيْ فُطَيْمَةَ لا مِيلٌ ولا عُزُلُ
وكأقطار في قولهم: قومك أقطارَ البلاد، وكمسالَيْه في قول الشاعر:
إذا ما نَعَشْناه على الرَّحْل يَنثني ... مُساليه عنه من وراء ومقدمِ
قال سيبويه: مسالاه: عطفاه، فصار كجنبَي فُطيمة. والثالث ما جرى باطراد مجرى ما هو كذلك، وذلك صفة المكان الغالبة نحوهم قريبا منك، وشرقِيَّ المسجد، قال الشاعر:
هَبَّتْ جَنوبا فذِكْرى ما ذكرتُكم ... عند الصفاةِ التي شَرْقيَّ حوْرانا
ومن الجاري مجرى ما هو كذلك مصادر قامت مقام مكان مضاف إليها تقديرا

الصفحة 225