كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

نحو قولهم هو قرب الدار ووزنَ الجبل. أي مكان مسامتته. والمراد هنا بالاطراد ألّا تختصّ ظرفيّته بعامل ما، كاختصاص ظرفية المشتق من اسم الواقع فيه.
الرابع ما دل على محلّ الحَدث المشتقّ هو من اسمه كمَقْعَد ومَرْقَعد ومصلّى ومعتكف، ولا يعمل في هذا النوع إلّا أصله كقولك قُعودي مَقْعَدَ زيد، أو مشارك له في الفرعية كقولك قعدت مقعد زيد، فلو قلت اعتكفت مقعد زيد أو قعدت معتكفك لم يَجُز، لأن العامل ليس أصلا للمذكور كقعود بالنسبة إلى مقعَد، ولا مشاركا له في الفرعية كاعتكفت بالنسبة إلى معتكَف. ولذلك عُدّ من الشواذّ هو مني مقعدَ القابلة ومعقد الإزار ومناط الثريّا ونحو ذلك، لأن العامل ليس أصلا للفعل ولا شريكا له في الرجوع إلى أصل واحد.
وأما الأول والثاني والثالث فظرفيتها غير مقيدة بعامل دون عامل، فيقال سرت ميلا، وعدوت فرسخا وسرت بريدا وجلست يمين الكعبة وأمام زيد وعند خالد ومع محمد وتلقاء بِشر ونحو ذلك. ومن العلماء من حكم باطراد ما دل على بعد أو قُرْب من نحو هو منّي منزلة الشغاف، ونحو قول الشاعر:
وإنّ بني حَرْب كما قد عَلمتُم ... مناطَ الثُّريّا قد تعلّتْ نجومُها
على تقدير مكان موصوف بمثل مضاف إلى شغاف ومناط، ثم فُعل به ما فُعل بضربته ضَرْبَ الأمير اللصَّ، من حذف الموصوف وصفته وإقامة الثالث مقامهما، وهذا تقدير لائق ولكن القياس على نوعه لا يتّجه لقلّة نظائره، ومغايرة لفظ باقيه للفظ محذوفه، بخلاف ضربته ضرب الأمير اللص، فإن نظائره كثيرة ولفظ باقيه مماثل للفظ محذوفه.
ولكون هذا النوع مقصُورا على السماع قال سيبويه: وليس يجوز هذا في كل شيء، لو قلت هو منّي مجلسك ومتّكأ زيد ومَربط الفرس لم يجز" وإلى المسموع

الصفحة 226