كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

حاليتها حينئذ قليل.
ش: كما انقسم ظرف الزمان إلى متصرف وغير متصرف انقسم ظرف المكان إليهما، فمن المتصرف ما كثر وقوعه ظرفا وغير ظرف كمكان. فإنك تقول إذا نويت ظرفيته اجلس مكانك. وتقول إذا لم تنو ظرفيته مكانك لائق بك. ومثل "مكان" في التصرف بكثرة "يمين وشمال وذات اليمين وذات الشمال" يقال في الظرفية: جلست يمينه وشماله وذهبت به ذات اليمين وذات الشمال. قال الله تعالى (وترى الشمسَ إذا طَلَعَتْ تزاورُ عن كهفِهم ذات اليمين وإذا غربتْ تقْرِضُهم ذات الشمال" ويقال في المجرد من الظرفية يمين الطريق أسهل وشماله أقرب، ودارُك ذات اليمين ومنازلهم ذات الشمال، قال الله تعالى: (عن اليمين وعن الشمال قعيدٌ).
ومن المتصرف ما يكثر مجرده دون كثرة ظرفيته كأمام وقدام ووراء وخلف وأسفل، وهو المعنى بقولي: "متوسط التصرف" أي متوسط بين الكثرة والقلة، يقال في الظرفية كُنْ أمامَهم وقُدّامهم لا وراءَهم ولا خَلْفَهم ولا أسفلَ منهم. ويقال في التجرد من الظرفية أمامهم آمَنُ من ورائِهم، ويقال هم خَلْفٌ وأنت قُدّامٌ. وقال الشاعر:
فغَدَتْ كِلا الفَرجَين تحسِبُ أنه ... مولى المخافةِ خلْفُها وأمامُها
وقرأ بعض القرّاء (والرّكبُ أسفلُ منكم) بالرفع. ويساوي أماما وما ذكره بعده "بَيْن" يقال في الظرفية جلست بين زيد وعمرو، قال الله تعالى

الصفحة 230