كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

إذا رَيْدةٌ من حيثُ ما نفحَتْ له ... أتاه برَيّاها خليلٌ يُواصلُهْ
أراد إذا ريدة نفحت من حيث ما هبّتْ له أتاه بريّاها خليل، فحذف هبتْ للعلم به وجعل ما عوضا كما جعل التنوين في حينئذ عوضا.
وروى إعراب حيث عن فقعس فيقولون جلست حيثَ كنت وجئت من حيثِ جئت. وأجاز الأخفش استعمالها بمعنى حين، وحمل على ذلك قول الشاعر:
لِلفتى عقلٌ يعيشُ به ... حيثُ تَهْدِي ساقَه قَدَمُهْ
ولا حجة فيه لإمكان إرادة المكان.
ومثل حيث في ندور التجرد عن الظرفية وسْط بالسكون كقولك جلست وسْط القوم. فهذا كثير، أعني وقوعه ظرفا. وأما تجرده عن الظرفية فقليل لا يكاد يُعرَفِ. ومنه قول الشاعر يصف سحابا:
وَسْطُه كاليَراع أو سُرُج المَجْـ ... ــدَلِ طوْرًا يَخْبُو وطورًا يُنيرُ
فوسطه مبتدأ خبره كاليراع. ويروى بالنصب على الظرفية ويحكم بأن وسْطه خبر مقدم، والكاف اسم في موضع رفع بالابتداء.
ومثل حيث في ندور التجرد عن الظرفية "دونَ" نحو قولك جلست دونَ موضع كذا، وزيدٌ دونَ عمرو قدْرا. قال سيبويه:
وأما دونك فإنه لا يرفع أبدا، وإن قلت هو دونكَ في الشرف، لأن هذا إنما هو مثل يعني أنه حين أريد به الانحطاط من علو الشرف تلازمه الظرفية لأن

الصفحة 233