كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

حِسّا أو معنى، وقد اجتمع الحضور الحسّي والمعنوي في قوله تعالى: (قال الذي عندَه علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبلَ أنْ يَرتدَّ إليكَ طَرْفُكَ * فلمّا رآه مُسْتقرّا عنده قال هذا من فضل ربّي). ومثال القرب الحسّيّ "ولقد رآه نزلةً أخرى عند سِدْرة المنتهى عندها جَنَّةُ المأوى". ومثال القرب المعنوي: (وإنَّهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) و (رَبّ ابن لي عندك بيتا في الجنّة) ومن القرب المعنوي قول الرجل عندي مائة، يريد أنه مالكها وإن كان موضعها بعيدا ومنه قوله تعالى: (ما عندَكم ينفَدُ). وقد يكون مظروفها معنى فيراد بها الزمان كقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الصبر عند الصَّدمةِ الأولى" وكسر عينها هو المشهور، ومن العرب من يفتحها، ومنهم مَن يضمّها.
ويُرادِفُها "لدَى" في قول سيبويه، وهو الصحيح لا قول مَن زعم أنها بمعنى لَدن لأن لدُنْ مخصوصة بما هو مبتدأ غاية، بخلاف لدى فإنها يراد بها ما يراد بعند كقوله تعالى: (وما كنتَ لديهم إذ يُلْقون أقلامهم أيُّهم

الصفحة 235