كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

والخامس كقول امرئ القيس:
فقالتْ سباكَ اللهُ إنّك فاضِحي ... ألَسْتَ ترى السُّمّارَ والناسَ أحْوالي
ومن ظروف المكان العادمة التصرف "بَدَل" لا بمعنى بديل كقولك هذا بدل ذلك، أي هذا مكان ذلك، فلا يجوز حينئذ أن تستعمل غير ظرف، وكذا مكان إذا أردت به بدل. قال ابن خروف في شرح كتاب سيبويه: البدل والمكان إذا استعملا بمعنى واحد لا يرفعان. فإن ذكر كل واحد منهما في موضعه ولم يحمل أحدهما على الآخر في المعنى رفعا نحو قولك: هذا مكانُك، يشير إلى المكان، وهذا بدلٌ من هذا فترفع، لأنك أشرت بهذا إلى البدل وهو هو. وإنما نصب البدل والمكان ولم يجز فيهما الاتساع حتى إذا أخرج كل واحد منهما عن موضعه فلزما طريقة واحدة. هذا نص ابن خروف.
ص: ويتوسع في الظرف المتصرف فيجعل مفعولا به مجازا، ويجوز حينئذ إضماره غير مقرون بفي والإضافة والإسناد إليه، ويمنع من هذا التوسع على الأصح تعدّي الفعل إلى ثلاثة.
ش: من ضروب المجاز التوسع بإقامة الظرف المتصرف مقام فاعل الحدث الواقع فيه مقام المفعول المُوقع به الحدث كقول تعالى: (اشْتَدَّتْ به الريحُ في يومٍ عاصفٍ) وقوله تعالى: (إنّا نخافُ مِن ربّنا يوما عَبوسًا قمطريرا) وكقول الشاعر:
أقول للحْيانٍ وقد صَفِرتْ لهم ... وطابِي ويومِي ضِيّقُ الحَجْر مُعْوِرُ
والثاني كقولهم: وُلد له ستّون عاما، وصِيدَ عليه الليل والنهار كقول

الصفحة 243