كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

هو الصحيح لا ما ذهب إليه من منع حذف المصدر مطلقا فإن حذفه إذا قويت الدلالة عليه وارد في الكلام الفصيح كقوله تعالى: (قل قتالٌ فيه كبيرٌ وصَدٌّ عن سبيلِ الله وكفرٌ به والمسجد الحرام) أي وصد عن سبيل المسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله، فحذف صَدّ عن سبيل المسجد لدلالة مثلهما من قبلُ عليهما.
ولا يجوز عطف المسجد على الهاء من "به" لأن العطف على ضمير الجر لا يجوز عند الأكثر إلّا إذا أعيد الجار، ولا يصح أيضا من جهة المعنى، لأن المشركين كانوا يعظّمون المسجد الحرام فلا يصح أن ينسب الكفر إليهم إلا لكونهم لا يعظمونه تعظيما مستندا إلى أمر الله، بل إلى أهوائهم فهو حقيق بإطلاق الكفر عليه.
ومن حذف المصدر وبقاء ما يتعلق به قول الشاعر:
لَصَوْنُكَ مَن تعولُ أعمُّ نفعا ... لهم عن ضَلّةِ وهوى مُطاعِ
ومثله:
المنُّ للذَّمِّ داعٍ بالعطاء فلا ... تَمْنُنْ فتُلْفى بلا حمدٍ ولا مال
فعن من البيت الأول متعلق بصون المحذوف، وبالعطاء من البيت الثاني متعلق بمَنّ محذوف والمحذوفان بدلان من الموجودَين، فاستغنى بمعمول البدل كما استغنى في الآية بمعمول المعطوف.
وذهب السيرافي وابن خروف إلى أن قول سيبويه: ما شأنك وملابستك زيدا مؤول، قال ابن خروف قوله فكأنك قلت ما شأنك وملابسة زيدا، إنما قدّر المصدر حين أظهر ليكون محمولا على الشأن والمضمر الفعل، لأنه لا يجوز أن يعمل

الصفحة 256