كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

وأنشد أيضا:
أتُوعِدُوني بقومِكَ يابن حَجْل ... أشاباتٍ يخالُونَ العِبادا
بما جَمَّعْتَ من حَضَن وعمرو ... وما حَضَنٌ وعمرٌو والجيادا
ثم قال: وزعموا أن الراعي كان ينشد هذا البيت:
أزْمانَ قومي والجماعة كالذي ... لزِمَ الرِحالةَ أنْ تميلَ مَمِيلا
كأنه قال: أزمان كان قومي، والجماعة محمولة على كان لأنها تقع في هذا الموضع كثيرا، ثم قال: وما أنت وشأنك وكل رجل وضيعته، وأنت أعلم وربك وأشباه ذلك، فكله رفع لا يكون فيه النصْب، لأنك إنما تريد أن تخبر بالحال التي فيها المحدَّث عنه في حال حديثك، ولم تُرد أن تجعل ذلك فيما مضى ولا فيما يستقبل، وليس موضعا يستعمل فيه الفعل.
وأما الاستفهام فإنهم أجازوا فيه النصب لأنهم يستعملون الفعل في ذلك الموضع كثيرا، يقولون ما كنت وكيف تكون، إذا أرادوا معنى "مع"، ومن ثم قالوا ? أزمان قومي والجماعة ? لأنه موضع يدخل فيه الفعل كثيرا، يقولون: أزمان كان قومي، وحين كان. هذا نصه.
وإليه أشرت بقولي "وربما نصب بفعل مقدر بعد ما، أو كيف، أو زمن مضاف". ثم قلت: "أو قبل خبر ظاهر" والإشارة به إلى قول ابن خروف في شرح الكتاب قاصدا سيبويه: ولم يذكر في قولهم أنت وشأنك، وكل رجل وضيعته وما أشبهه إلا الرفع. ثم قال ابن خروف: وبعض العرب ينصب إذا كان معه خبر، وجعل من ذلك قول عائشة ? رضي الله عنها -: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي وأنا وإياه في لِحافٍ" كأنها قالت: وكنت وإيّاه في لحاف، ويجوز

الصفحة 259