كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

مشغولا بعامل غيرها فتؤثر في معناه دون لفظه، وتارة تصادفه غير مشغول بعامل غيرها فتؤثر في لفظه ومعناه ثم صرّح بأن العامل في زيد من نحو قاموا إلا زيدا ما قبله من الكلام، فإما أن يريد بما قبله إلا وحدها أو الفعل وحده أو كليهما، فدخول "من" مانعٌ من أن يريد كليهما، لأنها للتبعيض لا لبيان الجنس.
فإن التي لبيان الجنس لا تدخل بعد "ما" إلا على نكرة كقوله تعالى (أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء) وقوله تعالى: (واعملوا أن ما غنمتم من شيء) وقوله تعالى (وما بكم من نعمة فمن الله) فلو كانت "من" في قول سيبويه لبيان الجنس لم تدخل على الكلام معرفا، بل كانت تدخل عليه منكرا، وإذا لم تدخل عليه إلا معرّفا فهي للتبعيض. ويلزم من ذلك انتفاء أن يريد ثبوت كليهما وثبوت إرادة الفعل وحده أو إلّا وحدها. وإرادة إلّا أولى لأنها قبل المستثنى لا قبل غيره والفعل قبله وقبل غيره فإرادته مرجوحة وإرادة إلّا راجحة، ولأنّ ما قبل الشيء إذا لم يُرَد به الجميع حمل على الذي يلي، ولهذا إذا قال النحوي: ياء التثنية مفتوح ما قبلها، وياء الجميع مكسور ما قبلها علم محل الفتحة والكسرة. ويعضد إرادة إلّا قوله: "تعمل عشرون فيما بعدها إذا قلت عشرون درهما" فجعل موقع المستثنى من عامله كموقع الدرهم من العشرين، فعُلِم أنه لم يُرد الفعل لأنه منفصل مُكتف بخلاف إلّا فإنها مثل العشرين في الاتصال وعدم الاكتفاء فكانت مرادة.
وأظهر من هذا قوله في خامس أبواب الاستثناء: "حدثنا يونس أن بعض العرب الموثوق بعربيته يقول مررت بأحد إلا زيدا، وما أتاني أحد إلا زيدا، ثم قال سيبويه: وعلى هذا ما رأيت أحدا إلا زيدا، فتنصب زيدا على غير رأيت، وذلك أنك لم تجعل الآخر بدلا من الأول، ولكنك جعلته منقطعا مما عمل في الأول، وعمل

الصفحة 272