كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

على معناه لا بإضمار ولا بإظهار. ولو جاء ذلك لنصب ما ولى "ليت وكأن ولا" بأتمنّى وأشبّه وأنفي، وفي الإجماع على امتناع ذلك دلالة على فساد إضمار استثنى.
الرابع قول الفراء، عزاه إليه السيرافي، وهو إلّا مركبة من لا وإنْ المخففة من إنّن وهو قول فاسد من أربعة أوجه: أحدها أنه مبنيّ على ادّعاء التركيب، ولا دليل عليه فلا يلتفت إليه. الثاني أنه لو صح التركيب لم يصح العمل الذي كان قبله، لأن المعنى قد تغيّر معه، وكل تركيب يتغير معه المعنى يتغير معه الحكم، كتركيب إذ ما وحيثما، فإنه أحدث معنى المجازاة والعمل اللائق بها وأزال معنى الإضافة والعمل اللائق بها، فلو كانت إلا مركبة لم يبق عمل ما رُكِّبت منه لزوال معناه وتجدّد معنى الاستثناء. الثالث أنه لو صح التركيب من لا وإن المخففة لم يلزم نصب ما ولى إلا في موضع ما ولكان غير النصب به أولى كما كان قبل التركيب، بل كان اللائق به بعد التركيب امتناع النصب، لازدياد الضعف بالتركيب، وأمر ما ولى إلا بخلاف ذلك فبطل التركيب: الرابع لو صح التركيب وكون المنصوب منصوبا بعد إلا بإن على حد نصبه بإنّ لوجب ألا يتم الكلام بالمنصوب مقتصرا عليه كما لا يتم بعد إنّ، لأن العامل المنقوص لا ينتقص عمله.
وعزا السيرافي مذهبا خامسا إلى الكسائي، وهو نصب ما بعد إلا بأنّ مقدّرة، وهو قول في غاية من الضعف، لأنه مبني على ادّعاء تقدير ما لا دليل عليه ولا حاجة إليه. ولأنه لو سلّم تقدير أن يلزم أن يكون لها عامل يعمل فيها، لأنها مع ما تعمل فيه في تأويل مصدر فيجعل الذي عمل فيها عاملا فيما قدّرت من أجله ويستغنى عنها. وأيضا لو كانت أنّ مقدرة لم يتم الكلام بمنصوبها مقتصرا عليه كما لا يتم به إذا ذكرت، لأن العامل إذا حذف لا يختصر عمله.
ص: فإن كان المستثنى بإلا متصلا مؤخرا عن المستثنى منه المشتمل عليه نهي أو معناه أو نفي صريح أو مؤول غير مردود به كلام تضمن الاستثناء اختير فيه متراخيا النصب، وغير متراخ الإتباع إبدالا عند البصريين وعطفا عند الكوفيين. ولا يشترط في جواز نصبه تعريف المستثنى منه خلافا للفراء، ولا في جواز الإبدال عدم الصلاحية للإيجاب خلافا لبعض القدماء. وإتباع المتوسط بين المستثنى منه وصفته أولى من النصب خلافا للمازني في العكس. ولا يتبع المجرور بمن والباء الزائدتين ولا اسم لا الجنسية إلا باعتبار المحل.

الصفحة 279