كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

إلا اللهُ) و (مَن يقنطُ من رحمة ربِّه إلا الضّالُّون) فهذا وأمثاله استفهام في اللفظ ونفي في المعنى. فالله بدل من الضمير في يغفر، والضالون بدل من الضمير في يقنط. وأكثر ما يكون معنى النفي في الاستفهام إذا كان بهل أو مَن، وقد يكون الاستفهام بأيّ، ولذلك عطف بعدها بولا في قول الشاعر:
فاذهب فأيُّ فتًى في الناسِ أحْرَزَهُ ... عن حتفه ظلمٌ دُعْجٌ ولا جَبَلُ
فلو قيل على هذا أيُّ الناس يَبْطَر بالغِنى إلا الجاهلون على الإبدال من فاعل يبطر لحسُنَ. ومن النفي المؤول: قلّ رجل يقول ذلك إلا زيد، بمعنى ما رجل يقول ذلك إلا زيد، وكذا أقلّ رجل (يقول) ذلك إذا قُصِد به النفي. ومن النفي المؤول قراءة بعض السلف "فشربوا منه إلا قليلٌ" لأن قبله: "فمَن شَرَب منه فليس مني" فبذلك صار شربوا منه بمعنى لم يكونوا منه. ومن النفي المؤول ما أنشد الأخفش من قول الشاعر:
لِدمٍ ضائعٍ تَغَيَّبَ عنه ... أقْربُوهُ إلا الصَّبا والجَنُوبُ
ومن قول الآخر:
وبالصَّريمة منهم منزلٌ خَلَقٌ ... عافٍ تغيَّر إلا النُّؤْيُ والوَتَدُ
لأن تغيّب بمعنى لم يحضر، وتغيّر بمعنى لم يبق على حاله. وقولي "غير مردود به كلام تضمن الاستثناء" أشرت به إلى نحو أن يقول قائل: قاموا إلا زيدا، وأنت

الصفحة 281