كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يختلي خَلاها ولا يُعْضَد شوكُها" فقال له العباس: يا رسول الله إلا الإذخر، فقال: إلا الإذْخِر" وقد يكون من هذا "ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيُه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" وإليه الإشارة بقولي "اختير متراخيا النصب وغير متراخ الإتباع".
وعلّل قوم هذا النوع بعروض الاستثناء. قال ابن السراج: فإن لم تقدر البدل وجعلته كقولك ما قام أحد، كلاما تاما لا يُنوى فيه الإبدال من أحد ثم استثنيت نصبت فقلت ما قام أحد إلا زيدا، يكون للزوم النصب بعد النفي سببان، التراخي وعروض الاستثناء. وجواز النصب عند الفراء مع صحة الإتباع مشروط بتعريف المستثنى منه كقوله تعالى (ما فعلوه إلا قليل منهم)، فالنصب في مثل هذا جائز بإجماع، لأن المستثنى منه معرفة بخلاف قوله تعالى (ولم يكن لهم شهداءُ إلّا أنفسهم) فإن الاستثناء فيه من نكرة، فيلزم فيه على مذهب الفراء الإتباع، ولا حجة له لأن النصب هو الأصل، والإتباع داخل عليه، وقد رجح عليه لطلب المشاكلة، فلو جُعل بعد ترجيحه عليه مانعا منه لكان ذلك إجحافا بالأصل، فضعف بهذا الاعتبار قول الفراء.
وقد يرد عليه أيضا قوله تعالى (ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك) في قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو، على أن يجعل امرأتك مستثنى من أحد لا من الأهل لتتفق القراءتان في الاستثناء من شيء واحد، ولأنه قد قد قيل إنه أخرجها معهم وأمر ألا يلتفت أحد منهم إلا هي فلما سمعت هوة العذاب التفتت وقالت: يا قوماه فأدركاه حجر فقتلها. ويمكن في قراءة ابن كثير وأبي عمرو أن يجعل امرأتك مبتدأ، وأنه مصيبها

الصفحة 283