كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

موجودا، فكيف أنعتُ ما قد سَقط. قال المبرد: "والقياس عندي قول سيبويه، لأن الكلام إنما يراد لمعناه، والمعنى الصحيح أن البدل والمبدل منه موجودان معا، لم يُوضعا على أن يسقط أحدهما إلا في بدل الغلط، فإن المبدل منه بمنزلة ما ليس في الكلام".
ولا يتبع المستثنى منه إن كان مجرورا بمن الزائدة على اللفظ، بل على المحلّ، وكذا المجرور بالباء الزائدة، وكذا اسم "لا" المحمولة على إنّ، فمثال الأول ما فيها من أحد إلا زيد، ومثال الثاني ليس زيد بشيء إلا شيئا لا يُعبأ به، ومثال الثالث لا إله إلا الله. فرفعت البدل من أحد لأنه في موضع رفع بالابتداء، ولم تحمله على اللفظ فتجرَّه، لأنه معرفة موجب، ومن الزائدة لا تجرّ إلا منكّرا غير موجب. ونصبت المبدل من شيء، لأنه في موضع نصب بليس، ولم تحمله على اللفظ فتجرَّه لأنه خبر موجب، ولا عمل للباء الزائدة في خبر موجب. ورفعت المبدَل من اسم "لا" لأنه في موضع رفع بالابتداء، ولم تحمله على اللفظ فتنصبَه لأنه معرفة موجب، ولا إنما تعمل في منكّر منفيّ.
ومن الاتباع على محلّ المجرور بالباء الزائدة قول الشاعر:
أبَنِي لبينى لستمُ بيَد ... إلا يدًا ليست لها عَضُدُ
ص: وأجاز التميميون إتباع المنقطع المتأخّر إنْ صحّ إغناؤه عن المستثنى منه وليس من تغليب العاقل على غيره فيخص بأحد وشبهه خلافا للمازني. وإن عاد ضمير قبل المستثنى بإلا الصالح للإتباع على المستثنى منه العامل فيه ابتداء أو أحد نواسخه أتْبع الضمير جوازا وصاحبه اختيارا، وفي حكمهما المضاف والمضاف إليه في نحو ما جاء أحد إلا زيد: وقد يجعل المستثنى متبوعا والمستثنى منه تابعا. ولا يقدم دون شذوذ المستثنى على المستثنى منه والمنسوب إليه معًا، بل على أحدهما. وما شذ عن ذلك فلا يُقاس عليه خلافا للكسائي.

الصفحة 285