كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

ثم حُذِف الفعل والمضاف واستتر الضمير لأنه مرفوع. هذا على تسليم امتناع إرادة الحقيقة والمجاز في حال واحدة، وليس عندي ممتنعا، لقولهم: القلم أحد اللسانين، والخال أحد الأبوين، وقوله تعالى (إنَّ الله وملائكتَه يُصَلُّون على النبيّ)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "الأيدي ثلاثة يدُ الله ويد المعطي ويد السائل).
وزعم المازني أن إتباع المنقطع من تغليب ما يعقل على ما لا يعقل. قال ابن خروف قاصدا هذا المذهب: "وهو فاسد، لأنه لا يتوهم ذلك إلا في لفظ أحد، والذي يبدل منه في هذا الباب وليس بلفظ أحد أكثر من أنْ يُحصى" انقضى كلامه. قلت: وقد يكون قبل المستثنى بإلا الصالح للإتباع اسم ظاهر ومضمر يعود إليه فيُخيَّر المستثنى بين إتباع الظاهر وإتباع المضمر مع ترجيح إتباع الظاهر وذلك في نحو ما أحد يقول ذلك إلا زيد، وما حسبتُ أحدا يفعل ذلك إلا زيدا، وما كان أحد يجترِئ عليك إلا زيد، فلك أن تجعل زيدا تابعا للمضمر ولك أن تجعله تابعا لما يعود إليه المضمر وهو أولى، لأن المسوِّغ للإتباع هو النفي وهو أقرب إلى المعود إليه منه إلى العائد، وجاز إتباع العائد لأن الذي عمل فيه خبر ما دخل عليه النفي، وإذا دخل نفي على ذي خبر فالخبر هو المنفي.
ومما أُتبع فيه الضمير مع كون الاستثناء منقطعا قول الشاعر:
في ليلةٍ لا نرى بها أحدا ... يحكي علينا إلّا كواكبُها
فكواكبها تابع لفاعل يحكى، ونرى بمعنى نعلم، ويحكى بجملة وقعت مفعولا ثانيا، ولذلك جاز اتباع فاعلها. ومعنى يحكى علينا يخبر عنا، وحكم صفة المخبر

الصفحة 289