كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

فقدّر أنه قال: ولا بها إنسيٌّ خلا الجن. وهو استثناء منقطع. وفي تقديم "خلا" إشعار بتقديم إلّا لأنها الأصلُ، ولا يقع الفرعُ في موضع لا يقع فيه الأصل. وإلى هذا ونحوه أشرت بقولي: "دون شذوذ".
فصل: ص: لا يستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان، وموهم ذلك بدل ومعمول عامل مضمر، لا بدلان خلافا لقوم. ولا يمتنع استثناء النصف خلافا لبعض البصريين، ولا استثناء الأكثر وفاقا للكوفيين، والسابق بالاستثناء منه أولى من المتأخر عند توسّط المستثنى، وإن تأخّر عنهما فالثاني أولى مطلقا، وإن تقدّم فالأوّل أولى إن لم يكن أحدهما مرفوعا لفظا أو معنى، وإن يكنه فهو أولى مطلقا إن لم يمنع مانع. وإذا أمكن أن يشترك في حكم الاستثناء مع ما يليه غيره لم يُقتصَر عليه إن كان العامل واحدا، وكذا إن كان غير واحد والمعمول واحد في المعنى.
ش: قال ابن السّراج: "فإن استثنيت بعد الأفعال التي تتعدّى إلى مفعولين نحو أعطيت قلت أعطيت الناس دراهم إلا عمرا، ولا يجوز أن يقول إلا عمرا الدنانير، لأن حرف الاستثناء إنما يستثنى به واحد. فإن قلت ما أعطيت أحدا درهما إلا عمرا دانقا، وأردت الاستثناء لم يجز، فإن أردت البدل جاز، فأبدلت عمرا من أحد، ودانقا من درهم، كأنك قلت ما أعطيت إلا عمرا دانقا".
قلت وحاصل كلامه جواز أن يقال ما أعطيت أحدا درهما إلا عمرا دانقا، على أن يكون الاسمان اللذان هما بعد إلّا بدلين منصوبين على الاستثناء. وفي هذا ضعف بيّن، لأن البدل في الاستثناء لا بُدَّ من اقترانه بإلا، فكان بذلك أشبه شيء بالمعطوف بحرف. فكما لا يقع بعد حرف معطوفان كذلك لا يقع بعد حرف الاستثناء بدلان. فإن ورد ما يوهم ذلك قُدِّر ناصب للثاني، كما يُقدّر خافض للثاني في نحو:

الصفحة 292