كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

بين قيام النصف أو أقل منه أو أكثر منه، فلو قيل غَلبَ مائةُ مؤمن مائتيْ كافر إلا اثنين لجعل الاستثناء من الآخر مطلقا، أي فاعلا كان أو مفعولا مراعاة للقُرب.
وإلى نحو هذا أشرت بقولي: "فإن تأخر عنهما فالثاني أولى مطلقا". فإن تقدم المستثنى على شيئين يصلح للاستثناء من كل واحد منهما ولم يكن أحدهما مرفوعا ولا في معنى مرفوع فالاستثناء من الأول أولى، لأنه أقرب، وذلك نحو استبدلتُ إلا زيدا من أصحابنا بأصحابكم. فإن كان أحدهما مرفوعا فالاستثناء منه أولى وإن تأخر نحو ضرب إلا زيدا أصحابَنا أصحابُكم، وكذا إنْ كان أحدهما مرفوعا في المعنى دون اللفظ نحو مَلَّكتُ إلا الأصاغرَ عبيدَنا أبناءَنا. وإلى نحو هذا أشرت بقولي "فإن تقدم فالأول أولى إن لم يكن أحدهما مرفوعا لفظا أو معنى وإن يكنه فهو أولى مطلقا". ثم قلت: "إن لم يمنع مانع" فنبّهت بذلك أيضا على نحو ضرب إلا هندا بنونا بناتنا، فتركت القرينة اللفظية في هذه الأمثة ونحوها لمنع المعنى من الحمل عليها. وإذا ذكر شيئان أو أكثر والعامل واحد فالاستثناء معلّق بالجميع إن لم يمنع مانع نحو اهجر بني فلان وبني فلان إلا مَن صلح؛ فمَن صلح مستثنى من الجميع إذ لا موجب للاختصاص. فلو ثبت موجب عمل بمقتضاه نحو لا تحدّث النساء ولا الرجال إلا زيدا. وقد تضمنت الأمرين آية المائدة (حُرّمتْ عليكم الميتةُ) إلى (إلا ما ذكَّيْتُم) فاشتملت على ما فيه مانع وهو ما أهلّ وما قبله، وعلى ما لا مانع فيه وهو ما بين به وإلّا، فما ذكيتهم مستثنى من الخمسة إذا كانت سببا لموته.
ويعلق الاستثناء أيضا بالجميع إن كان قبله جملتان أو أكثر والعامل غير واحد والمعمول واحد في المعنى نحو قوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات) إلى (إلّا الذينَ

الصفحة 294