كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

ش: أصل "غير" أن تقع صفة، وأصل "إلا" أن يستثنى بها، ثم حُملت كل واحدة منهما على الأخرى فيما هي أصل فيه، ولأصالة غير في الوصفية جاز أن يوصف بها جمع وشبه جمع وما ليس جمعا ولا شبه جمع، كقولك جاء رجال غيرُ زيدٍ، وكقوله:
فكفى بنا فضلا على مَن غيرنا ... حُبُّ النبيِّ محمدٍ إيّانا
ورجل غيرُك أحبُّ إليّ. ولأصالته أيضا في الوصفية جاز أن يحذف الموصوف بها وتقام مقامه كما يحذف الموصوف بمثل وتقام مقامه. ولا يعامل بهذه المعاملة "إلا" الموصوف بها، فلا يوصف بها إلا جمع أو شبه جمع منكر أو معرف بالألف واللام الجنسية؛ فمثال الجمع المنكّر قوله تعالى (لو كان فيهما آلهةٌ إلا اللهُ لفَسَدَتا) فإلا الله صفة لآلهة، ومعنى الصفة في هذا الباب التوكيد لا التخصيص، فلا فرق في المعنى بين ثبوتها وسقوطها، ولذلك إذا قال المقِرُّ: له عندي عشرة إلا درهم، حكم عليه بعشرة كاملة، ولا يجوز أن يجعل إلا الله بدلا، لأن شرط البدل في الاستثناء صحةُ الاستغناء به عن الأول، وذلك ممتنع بعد "لو" كما يمتنع بعد "إنْ" لأنهما حرفا شرط والكلام معهما موجب. ولذا قال سيبويه: "لو قلت لو كان معنا إلا زيد لهَلَكْنا لكنت قد أحَلْتَ" أي أتيت بممنوع، فصح قول سيبويه أن "لو" لم يفرّغ العامل بعدها لما بعد إلا كما فرّغ بعد النفي، وإن كان ما يدلّ عليه من الامتناع شبيها بالنفي، ولو كانت مستحقة لتفريغ ما يليها من العوامل لكانت مستحقة لغير ذلك، ممّا يختص بحروف النفي كزيادة من في معمول ما يليها وإعماله في أحد وشفر ونحوهما، وكنصب جواب المقرون بالفاء. وقال السيرافيّ شارحا لقول

الصفحة 298