كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

ومن شواهد الوصف بإلا وما بعدها قول الشاعر:
أُنِيختْ فألقتْ بلدَةً فوقَ بلدةٍ ... قليل بها الأصواتُ إلا بغامُها
كأنه قال قليل بها الأصوات غير بغامها. قال السيرافي: وأما قوله قليل بها الأصوات إلا بغامُها ففيه وجهان: أحدهما قال سيبويه: وإذا كان على معناه فقد أثبت بها أصواتا قليلة وجعل إلا بغامها نعتا للأصوات. والوجه الثاني أن يكون "قليل" بمعنى النفي كأنه قال: ما بها أصوات إلا بغامها، وهو استثناء وبدل صحيح، كما تقول قلّ رجل يقول ذلك إلا زَيد. قال الشلوبين: لا يتصور البدل في هذا لأنه يئول إلى التفريغ وذلك فاسد؛ ألا ترى أنه لم يُرد أنْ يقول ما بها إلا بغامها، وكيف يقول ذلك وبها القائل والراحلة ورَحْلها، وإنما أراد ما بها صوت مغاير لبغامها، وقليل بها الأصوات في معنى النفي، وإنما وصفت الأصوات وهي معرفة ما في معنى غير وغير نكرة لأن التعريف بالألف واللام الجنسية وتعريفها كلا تعريف.
وكذلك ما هما فيه وصف بالجملة في قوله تعالى (وآيةٌ لهم الليلُ نسلخُ منه النهارَ) وكما وُصف ما هما فيه بغير في قولهم: إني لأمُرُّ بالرجل غيرك فيكرمني، وُصِفَ بإلّا الواقِعة موقعها وبما بعدها. ومن وَصْف ما فيه الألف واللام الجنسية وما بعدها قول الشاعر:
ويوم الحزن إذ حُشرتْ معدٌّ ... وكان الناسِ إلا نحن دينا
أراد وكان الناس المغايرون لنا دينا. ومن وقوعها صفة لشبه الجمع المنكر معنى الشبيه بالمعرفة لفظا قول الشاعر:

الصفحة 300