كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

لو كان غيري سُلَيمى الدهرَ غَيَّره ... وقعُ الحوادثِ إلا الصارِمُ الذَكَرُ
أراد لو كان غيري غير الصارم الذكر غيّره وقع الحوادث. ومن وَصف ذي الألف واللام الجنسية بغير قوله تعالى (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غيرُ أولي الضرر) فغير أولي الضرر بالرفع صفة "للقاعدون" وبالجر صفة للمؤمنين، ولا يَصح جعله بدلا لأنه لا يستثنى به غير ما قبله. ومن وصف ذي الألف واللام بغير قول لبيد:
وإذا أُقْرِضتَ خَيْرا فاجْزِه ... إنما يجزى الفتى غيرُ الجَمَلْ
وحاصل هذا الفصل أن "إلا" الموصوف بها لا يُوصف بها مفرد محض ولا معرفة محضة، ولا تقع في غير موضع صالح للاستثناء، إلا أن يمنع منه مانعٌ من خارِج، فلا يجوز أن يقال: قام رجل إلا زيد، لأن "رجلا" مفرد محض، ولا يجوز جاء الرجال إلا زيد، على أن يكون الرجال مَعهودين لأن تعريفهم حينئذ محض، فلو قُصد الجنس ولم يمتنع وصفهم بإلا كما لا يمتنع وصفهم بغير كقوله تعالى (غير أولي الضرر). وقولي "ولا يليها نعت ما قبلها" أشرت به إلى قول أبي الحسن في كتاب المسائل. لا يفصل بين الموصوف والصفة بإلا. ثم قال: ونحو ما جاءني رجل إلا راكب، تقديره: إلا رجل راكب، وفيه قُبْح لجَعْلِك الصفة كالاسم. وقال أبو علي في التذكرة: تقول ما مررت بأحد إلا قائما إلا أخاك، لا يجوز كون قائما صفة لأن المعنى ما مررت قائما، ولو قلت مررت قائما بأحد لم يجز، وكذا ما في معناه. وإذا بطل هذا ثبت أن قائما حال من أحد وإذا ثبت ذلك تعيّن أن ينصب أخاك لأنه بعد إيجاب صحيح. وقد صرّح أبو الحسن وأبو علي بأن "إلا" لا تفصل بين موصوف وصفة. وما ذهبا إليه هو الصحيح، لأن الموصوف والصفة كشيء

الصفحة 301