كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

واحد، وشيئان هنا كشيء واحد لا يختلفان بنفي الحكم عن أحدهما وإثباته للآخر كالمتوسّط بينهما "إلا"، ولأن الصفة توضّح موصوفها كما توضح الصلة الموصول، وكما يوضح المضاف إليه المضاف، فكما لا يقع "إلا" بين الموصول والصلة، ولا بين المضاف والمضاف إليه، كذا لا تقع بين الموصوف والصفة، ولأن إلا وما بعدها في حكم جملة مستأنفة والصفة لا تُستأنف فلا تكون في حكم مستأنف.
وقال الزمخشري: وإذا قلت ما مررت بأحد إلا زيد خير منه كان ما بعد إلا جملة ابتدائية واقعة صفة لأحد. وزعم في الكشاف أن (ولها كتابٌ معلومٌ) جملة واقعة صفة لقرية، ووُسّطت الواو بينهما لتوكيد لصوق الصفة بالموصوف، كما يقال في الحال: جاءني زيد عليه ثوب، وجاءني وعليه ثوب. وما ذهب إليه من توسط الواو بين الصفة والموصوف فاسد من خمسة أوجه:
أحدها أنه قاس في ذلك الصفة على الحال، وبين الصفة والحال فروق كثيرة، كجواز تقدّمها على صاحبها وجواز تخالفهما بالإعراب وجواز تخالفهما بالتعريف والتنكير وجواز إغناء الواو عن الضمير في الجملة الحالية، وامتناع ذلك في الواقع نعتا، فكما ثبت مخالفة الحال الصفة في هذه الأشياء ثبت مخالفتها إياها بمقارنة الواو الجملة الحالية وامتناع ذلك في الجملة النعتية.
الثاني أن مذهبه في هذه المسألة مذهب لا يُعرف من البصريين والكوفيين مُعَوّل عليه فوجب ألا يلتفت إليه. الثالث أنه مُعَلَّل بما لا يناسب، وذلك أن الواو تدل على الجمع بين ما قبلها وما بعدها وذلك مستلزم لتغايرهما، وهو ضدّ لما يُراد من التوكيد فلا يصح أن يقال العاطف مؤكِّد.
الرابع أن الواو فصلت الأول عن الثاني، ولولا هي لتلاصقا فكيف يقال إنها أكدت لصوقهما؟

الصفحة 302