كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

الخامس أن الواو لو صلحت لتوكيد لصوق الموصوف بالصفة لكان أوْلى المواضع بها موضع لا يصلح للحال نحو "إنّ رجلا رأيُه سديدٌ لسعيدٌ" فرأيه سديد جملة نُعت بها ولا يجوز اقترانها بالواو لعدم صلاحيتها للحال بخلاف "ولها كتابٌ معلومٌ" فإنها جملة يصلح في موضعها الحال لأنها بعد نفي، والمنفيّ صالح لأن يُجعل صاحب حال، كما هو صالح لأن يجعل مبتدأ. وإنما جاز أن يجعل صاحب الحال نكرة بعد النهي لشبهه بالنفي كقول قطريّ:
لا يَرْكَنَنْ أحدٌ إلى الإحْجامِ ... .يومَ الوغى مُتَخَوِّفا لحِمامِ
فلْيجزْ ذلك بعد النفي فهو أولى وأحرى، لأن النهي لا يصحب المبتدأ ويصحبه النفي.
ومن أمثلة أبي علي في التذكرة: ما مررت بأحد إلا قائما إلا أخاك، فجعل الحال من أحد لاعتماده على النفي، وقد تقدّم الكلام على هذه المسألة، فلو كانت الواو تصلح لتوكيد لصوق الصفة بالموصوف لكان أولى المواضع بها ما لا يصلح للحال نحو إنّ رجلا رأيُه سديد لَسعيد، لأن المؤكد به حقيق بألا يصلح لغير توكيد.
وقولي "ويليها في النفي فعل مضارع بلا شرط" نبهت به على أنه لا يشترط في وقوع الفعل المضارع بعد إلا تقدم فعْل، بل وجود نفي قبلها كافٍ، فعلا كان ما ولى النفي أو اسما، فيقال ما زيد إلا يفعل، وما زيد إلا فاعل. ويشترط في وقوع الفعل الماضي بعدها تقدم نفي أو معناه وكون ما ولي النفي فعلا، فلفظ النفي كقوله تعالى (وما يأتيهم من رسول إلّا كانوا به يستهزئون) ومعنى النفي كقولهم: أنشدك اللهَ إلّا فعلتَ، بمعنى ما أسألك إلا فعلك. وقد يُغني اقتران الماضي بقد عن تقدم فعل كقول الشاعر:

الصفحة 303