كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

عمرو الشيباني وغيره. وقال الأخفش: وأما حاشا فقد سمعت من ينصب بها، وأنشد ابن خروف في شرح الكتاب:
حاشا قُرَيْشًا فإن اللهَ فضّلهم ... على البريّة بالإسلام والدِّين
وتعصّب بعض المتأخرين مانعا فعلية حاشا بقول بعض العرب: حاشاي ولم يقل حاشاني وأنشد:
في فتيةٍ جعلوا الصليب إلههم ... حاشايَ إنِّي مسلمٌ معذورُ
والجواب أن هذا ورد على استعمالها حرفا، لأنه أكثر من استعمالها فعلا. ولو أن من قال حاشا الشطان فنصب بها دعته حاجة إلى استثنائه نفسه قاصدا للنصب لقال حاشاني كما يقال عساني. وإنما نظرت حاشا بعسى لتساويهما في عدم التصرّف وتأدية كل واحد منهما معنى حرف، وكما قيل في عدا عداني كقوله:
تملُّ الندامَى ما عداني لأنّني ... بكلِّ الذي يهوى نَديمي مُولَعُ
وأجاز الفراء نصب المستثنى بحاشا وخفضه وقال: إذا استثنيت بما عدا وما خلا ضميرا لمتكلم قلت: ما عداني وما خلاني. ومن نصب بحاشا قال حاشاني، ومن خفض قال حاشايَ. وهذا نصّه. وقال بعض المتعصبين أيضا: لو كانت حاشا فعلا لجاز أن يوصل بها "ما" كما وُصلت بعدا وخلا. وهذا غير لازم، فإن من أفعال هذا الباب "ليس ولا يكون" ولم توصل "ما" بهما، وأيضا فإن الدليل يقتضي ألا توصل "ما" وغيرها من الحروف الموصولة بالأفعال إلا بفعل له مصدر مستعمل حتى يُقَدَّر الحرف وصلته واقعين موقع ذلك المصدر. ومعلوم أن أفعال هذا الباب ليس لها مصادر مستعملة. فإذا وُصل ببعضها حرف مصدري فهو على خلاف الأصل فلا يُبالى بانفراده بذلك، فيقال لمَ لمْ يوافقْه غيره، فإن موافقته تكثير

الصفحة 307